قال الامام : هي لشيعتنا فترة ولغيرهم فتنة.
قال هارون : فما بال صاحب الدار لا يأخذها؟
فقال الامام : أخذت منه عامرة ، ولا يأخذها الا معمورة.
قال هارون : أين شيعتك؟
فقرأ الامام : (لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين حتي تأتيهم البينة) (١).
قال هارون : فنحن كفار؟
قال الامام : لا ، ولكن كما قال الله :
(... الذين بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار) (٢).
«فغضب عند ذلك الرشيد وغلظ عليه ، فقد لقيه الامام أبوالحسن (عليهالسلام) بمثل هذه المقالة وما رهبه ، وهذا خلاف قول من زعم أنه هرب منه من الخوف» (٣).
وبهذه الشذرات النادرة نكتفي ايرادا لما فجره الامام موسي (عليهالسلام) من طاقات قرآنية تهدي سواء السبيل فاذا وقفنا عند باب الفقه والأحكام تشريعا وانتقاء وافاضة ، فاجأنا ذلك البحر الخضم الذي استقت منه مصادر التشريع أحكامها في الفقه والحديث. وأبرزها : الكافي للكليني ، ومن لا يحضره الفقيه للصدوق ، والاستبصار والتهذيب للشيخ الطوسي ، ووسائل الشيعة للحر العاملي ، وسواها من كتب الفقه والحديث والاستدلال بما هو متوافر فيها من فتاوي وأحاديث وروايات ، جعل لها القرآن شاهدا ، واستخرج من آياته دليلا ، وذلك من باب النوادر التي لا يمكن أن تقدر بثمن لأنها من الكنوز والذخائر النفيسة.
__________________
(١) سورة البينة / ١.
(٢) سورة ابراهيم / ٢٨.
(٣) الشيخ المفيد / الاختصاص / ٢٦٢.