نهانا رسول الله أن نقرب الخنا |
|
وأن نشرب الاثم الذي يوجب الوزرا (١). |
وقد ظهر مما تقدم : أن الاثم لا يخلو من معنيين : اما أن يكون هو المعاصي والذنوب ، والخمرة أحد مفرداتها وأبرز مصاديقها ، واما أن يكون هو الخمرة بعينها كما تدل عليه الرواية عن الامام الكاظم ، ويؤيده لغة واستعمالا عند العرب الشاهدان الشعريان المتقدمان ، وعلي كلا المذهبين في المعني ، فالخمرة محرمة بهذه الآية ، اما لكونها أحد مصاديق الاثم ، واما لأنها الاثم ذاته ، واما بهما معا (٢).
ولم يكن علم الامام مقتصرا علي جانب معين ، وانما كان يعالج شتي المواضيع بأسلوبه الرقيق ، وبلغات متعددة؛ فقد كلم الامام غلاما بالحبشية ، وأمره ، ونهاه ، وأوصاه ... فعجب علي بن أبيحمزة من ذلك ، فقال الامام :
«لا تعجب ، فما خفي عليك من أمر الامام أعجب وأكثر ، وما هذا من الامام في علمه الا كطير أخذ بمنقاره من البحر قطرة من ماء ، أفتري الذي أخذ بمنقاره نقص من البحر شيئا؟ قال : فان الامام بمنزلة البحر لا ينفد ما عنده ، وعجائبه أكثر من ذلك ، والطير حين أخذ من البحر قطرة بمنقاره لم ينقص من البحر شيئا ، كذلك العالم لا ينقصه علمه شيئا ، ولا تنفد عجائبه» (٣).
ان هذه الظاهرة في التفوق العلمي تمثل ذاتية التحرك المعرفي لدي الامام ، حتي أنها جلبت انتباه السلاطين وهم لا يعبأون بالعلم ، ولكنهم تحلقوا حول الامام اختيارا ، وهم أدري الناس بكفايته العلمية ، فقد روي أن
__________________
(١) الطبرسي / مجمع البيان : ٢ / ٤١٤.
(٢) ظ : المؤلف / نظرات المعاصرة في القرآن الكريم / تحريم الخمر في القرآن / ٩٣.
(٣) المجلسي / بحارالأنوار : ٤٨ / ١٠١ عن قرب الأسناد / ١٩٤.