عن عمّه عيسى ، قال :
كان ابن معاوية أقسى خلق الله قلبا ، فغضب على غلام له ، وأنا عنده جالس في غرفة بأصبهان ، فأمر أن يرمي به منها إلى أسفل ، ففعل ذلك به ، فسقط وتعلّق بدرابزين كان على الغرفة ، فأمر بقطع يده التي أمسكه بها ، فقطعت وخرّ الغلام يهوي حتى بلغ الأرض فمات. وكان مع هذه الأحوال من ظرفاء بني هاشم ، وشعرائهم ، وهو الذي يقول :
ألا تزغ القلب عن جهله |
|
وعما تؤنب من أجله |
فيبدل بعد الصبي حكمة |
|
ويقصر ذو العذل عن عذله (١) |
فلا تركبنّ الصنيع الذي |
|
تلوم أخاك على مثله (٢) |
ولا يعجبنك قول امرئ |
|
يخالف ما قال في فعله |
ولا تتبع الطرف ما لا ينال |
|
ولكن سل الله من فضله |
وكم من مقل ينال الغنى |
|
ويحمد في رزقه كله (٣) |
أنشدنا هذا [الشعر] ابن عمّار ، عن أحمد بن أبي خيثمة ، عن يحيى بن معين.
وذكر محمد بن علي بن حمزة العلوي أن يحيى بن معين أنشد له :
إذا افتقرت نفسي قصرت افتقارها |
|
عليها فلم يظهر لها أبدا فقر |
وإن تلقني في الدهر مندوحة الغنى |
|
يكن لأخلائي التوسع واليسر (٤) |
فلا العسر يزري بي إذا هو نالني |
|
ولا اليسر يوما إن ظفرت هو الفخر (٥) |
أنشدنا أحمد [بن محمد] بن سعيد [بن عقدة] قال :
أنشدني يحيى بن الحسن لعبد الله بن معاوية في الحسين بن عبد الله بن عبيد الله بن العباس (٦) :
__________________
(١) في الأغاني «الصبا حلمه وأقصر».
(٢) هذا البيت والذي بعده في الطبري ٩ / ٤٩ وابن الأثير ٥ / ١٣٢ وفي الأصول «فلا تركبن الشنيع».
(٣) كذا في الأغاني ، وفي الأصول «من مقل يبين الغنى».
(٤) في الأغاني «التوسع في اليسر».
(٥) في الأغاني «ظفرت به فخرى».
(٦) في الأغاني «وكان حسين هذا وعبد الله بن معاوية يرميان بالزندقة. فقال الناس إنما تصافيا على ذلك ...».