يفعل ، فحسن موقع ذلك من إدريس إلى أن وجد فرصة لإدريس فقال له : جعلت فداك ، هذه قارورة غالية حملتها إليك من العراق ، ليس في هذا البلد من هذا الطيب شيء. فقبلها وتغلل بها وشمّها ، وانصرف سليمان إلى صاحبه ، وقد أعدّ فرسين ، وخرجا يركضان عليهما. وسقط إدريس مغشيّا عليه من شدة السم فلم يعلم من بقربه ما قصته. وبعثوا إلى راشد مولاه فتشاغل به ساعة يعالجه وينظر ما قصته ، فأقام إدريس في غشيته هاته نهاره حتى قضي عشيا ، وتبين راشد أمر سليمان فخرج في جماعة يطلبه فما لحقه غير راشد وتقطعت خيل الباقين ، فلما لحقه ضربه ضربات منها على رأسه ووجهه ، وضربة كتعت أصابع يديه (١) وكان بعد ذلك مكتعا.
هذه رواية النوفلي.
وذكر علي بن إبراهيم ، عن محمد بن موسى :
أن الرشيد وجه إليه الشّماخ مولى المهدي ، وكان طبيبا (٢) ، فأظهر له أنه من الشيعة وأنه طبيب ، فاستوصفه فحمل إليه سنونا (٣) وجعل فيه سما ، فلما استن به جعل لحم فيه ينتثر وخرج الشماخ هاربا حتى ورد مصر. وكتب ابن الأغلب إلى الرشيد بذلك ، فولّى الشماخ بريد مصر وأجازه.
حدثني أحمد بن محمد بن سعيد ، قال : حدثنا يحيى بن الحسن ، قال : حدثني داود بن القاسم الجعفري :
أن سليمان بن جرير أهدى إلى إدريس سمكة مشوية مسمومة فقتله ، رضوان الله عليه ورحمته.
قالوا : وقال رجل من أولياء بني العباس يذكر قتل إدريس (٤) بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام.
أتظن يا إدريس أنك مفلت |
|
كيد الخليفة أو يقيك فرار (٥) |
فليدركنّك أو تحلّ ببلدة |
|
لا يهتدي فيها إليك نهار |
__________________
(١) أي أيبستها.
(٢) الطبري ١٠ / ٢٩.
(٣) في ط وق «سفوفا».
(٤) في الطبري ١٠ / ٢٩ «فقال في ذلك بعض الشعراء ، أظنه الهنازي».
(٥) في الطبري «أو يفيد قرار».