يا رسول الله أخبرنا عن ليلة أسري بك فيها ، فقرأ أوّل سبحان وقال : بينا أنا نائم عشاء في المسجد الحرام ، إذ أتاني آت فأيقظني ، فاستيقظت ، فلم أر شيئا ، ثمّ عدت في النّوم ، ثمّ أيقظني ، فاستيقظت ، فلم أر شيئا ، ثمّ نمت ، فأيقظني ، فاستيقظت ، فلم أر شيئا ، فإذا أنا بهيئة خيال فأتبعته بصري ، حتى خرجت من المسجد ، فإذا أنا بدابّة أدنى شبهه بدوابّكم هذه بغالكم ، مضطرب الأذنين ، يقال له البراق ، وكانت الأنبياء تركبه قبلي ، يقع حافره مدّ بصره ، فركبته ، فبينا أنا أسير عليه إذ دعاني داع عن يميني : يا محمد أنظرني أسألك ، فلم أجبه ، فسرت ، ثم دعاني داع عن يساري : يا محمد أنظرني أسألك ، فلم أجبه ، ثمّ إذا أنا بامرأة حاسرة عن ذراعيها ، وعليها من كلّ زينة ، فقالت : يا محمد أنظرني أسألك ، فلم ألتفت إليها ، حتى أتيت بيت المقدس ، فأوثقت دابّتي بالحلقة ، فأتاني جبريل بإناءين : خمر ولبن ، فشربت اللّبن ، فقال : أصبت الفطرة ، فحدّثت جبريل عن الدّاعي الّذي عن يميني ، قال : ذاك داعي اليهود ، لو أجبته لتهوّدت أمّتك ، والآخر داعي النّصارى ، لو أجبته لتنصّرت أمّتك ، وتلك المرأة الدّنيا ، لو أجبتها لاختارت أمّتك الدنيا على الآخرة ، ثم دخلت أنا وجبريل بيت المقدس ، فصلّينا ركعتين ، ثم أتيت بالمعراج الّذي تعرج عليه أرواح بني آدم ، فلم تر الخلائق أحسن من المعراج ، أما رأيتم الميت حين (١) يشقّ بصره طامحا إلى السماء ، فإنّما يفعل ذلك عجبه به ، فصعدت أنا وجبريل ، فإذا أنا بملك يقال له إسماعيل ، وهو صاحب سماء الدنيا ، وبين يديه سبعون ألف ملك ، قال تعالى : (وَما يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ) (٢). فاستفتح جبريل ، قيل : من هذا؟ قال : جبريل ، قيل : ومن معك؟ قال : محمد ، قيل : وقد بعث إليه؟ قال : نعم. فإذا أنا بآدم كهيئته يوم
__________________
(١) في ع (حيث).
(٢) سورة المدّثر ، الآية ٣١.