خلقه الله على صورته ، تعرض عليه أرواح ذرّيّته المؤمنين فيقول : روح طيّبة ونفس طيّبة اجعلوها في علّيّين ، ثم تعرض عليه أرواح ذرّيّته الفجّار ، فيقول : روح خبيثة ونفس خبيثة ، اجعلوها في سجّين. ثمّ مضت هنيّة ، فإذا أنا بأخونة ـ يعني بالخوان المائدة ـ عليها لحم مشرّح ، ليس بقربها أحد ، وإذا أنا بأخونة أخرى ، عليها لحم قد أروح ، ونتن ، وعندها أناس يأكلون منها. قلت : يا جبريل من هؤلاء؟ قال : هؤلاء من أمّتك يتركون الحلال ويأتون الحرام ، قال : ثمّ مضت هنيّة ، فإذا أنا بأقوام بطونهم أمثال البيوت ، كلّما نهض أحدهم خرّ يقول : اللهمّ لا تقم السّاعة ، وهم على سابلة آل فرعون ، فتجيء السّابلة فتطاردهم ، فسمعتهم يضجّون إلى الله ، قلت : من هؤلاء؟ قال : هؤلاء من أمّتك الذين يأكلون الرّبا ، ثم مضت هنيّة ، فإذا أنا بأقوام مشافرهم كمشافر الإبل ، فتفتح أفواههم ويلقمون الجمر ، ثمّ يخرج من أسافلهم فيضجّون ، قلت : من هؤلاء؟ قال : الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما ، ثم مضت هنيّة ، فإذا أنا بنساء يعلّقن بثديهنّ ، فسمعتهنّ يضججن إلى الله ، قلت : يا جبريل من هؤلاء؟ قال : الزّناة من أمّتك ، ثم مضت هنيّة ، فإذا أنا بأقوام يقطّع من جنوبهم اللّحم ، فيلقّمون ، فيقال له : كل ما كنت تأكل من لحم أخيك ، قلت : من هؤلاء؟ قال : هؤلاء الهمّازون من أمّتك اللّمّازون. ثم صعدت إلى السماء الثانية ، فإذا أنا برجل أحسن ما خلق الله ، قد فضل على النّاس بالحسن كالقمر ليلة البدر على سائر الكواكب ، قلت : يا جبريل من هذا؟ قال : هذا أخوك يوسف ، ومعه نفر من قومه ، فسلّمت عليه وسلّم عليّ ، ثم صعدت إلى السماء الثالثة ، فإذا أنا بيحيى وعيسى ومعهما نفر من قومهما. ثم صعدت إلى الرابعة ، فإذا أنا بإدريس ، ثم صعدت إلى السماء الخامسة ، فإذا أنا بهارون ، ونصف لحيته بيضاء ونصفها سوداء ، تكاد لحيته تصيب سرّته من طولها ، قلت : يا جبريل من هذا؟ قال : هذا المحبّب في قومه ، هذا هارون بن عمران ، ومعه نفر