المدينة فذكروا له حزن أمّه ، وأنّها حلفت لا يظلّها سقف ، وكان بها برّا ، فرقّ لها وصدقهم ، فلما خرجا به أوثقاه وقدما به مكة ، فلم يزل بها إلى قبل الفتح (١).
قلت : وهو الّذي كان يدعو له النّبيّ صلىاللهعليهوسلم في القنوت : اللهمّ أنج سلمة بن هشام ، وعيّاش بن أبي ربيعة. الحديث (٢).
قال ابن شهاب : وخرج عبد الرحمن بن عوف ، فنزل على سعد بن الربيع ، وخرج عثمان ، والزّبير ، وطلحة بن عبيد الله ، وطائفة ، ومكث ناس من الصحابة بمكة ، حتى قدموا المدينة بعد مقدمه ، منهم : سعد بن أبي وقّاص ، على اختلاف فيه.
وقال يونس ، عن ابن إسحاق : حدّثني نافع ، عن ابن عمر ، عن أبيه عمر بن الخطّاب قال : لمّا اجتمعنا للهجرة اتّعدت أنا وعيّاش بن أبي ربيعة ، وهشام بن العاص بن وائل ، وقلنا : الميعاد بيننا التّناضب (٣) من أضاة بني غفار ، فمن أصبح منكم لم يأتها فقد حبس (٤) ، فأصبحت عندها أنا وعيّاش ، وحبس هشام وفتن ، وقدمنا المدينة فكنّا نقول : ما الله بقابل من هؤلاء توبة ، قوم عرفوا الله وآمنوا به وصدّقوا رسوله ، ثمّ رجعوا عن ذلك لبلاء أصابهم في الدنيا فأنزلت : (قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ) (٥) ، فكتبتها بيدي كتابا ، ثمّ بعثت بها إلى هشام ، فقال هشام بن العاص : فلمّا قدمت عليّ خرجت بها إلى ذي طوى أصعد فيها
__________________
(١) تاريخ الطبري ٢ / ٣٦٩ ، دلائل النبوّة للبيهقي ٢ / ١٩٧ ، نهاية الأرب ١٦ / ٣٢٢.
(٢) أخرجه البخاري في الجهاد ٣ / ٢٣٤ باب الدعاء على المشركين بالهزيمة والزلزلة ، وانظر عيون الأثر ١ / ١٧٥.
(٣) بفتح التاء وكسر الضاد ، (معجم البلدان ، معجم ما استعجم).
(٤) في السيرة «فليمض صاحباه».
(٥) سورة الزمر ـ الآية ٥٣.