في هذا الرجل ، فقال قائل : أرى أن تحبسوه ، فقال النّجديّ : ما هذا برأي ، والله لئن فعلتم ليخرجنّ رأيه وحديثه إلى من وراءه من أصحابه ، فأوشك أن ينتزعوه من أيديكم ، ثمّ يغلبوكم على ما في أيديكم من أمركم ، فقال قائل منهم : بل نخرجه فننفيه ، فإذا غيّب عنّا وجهه وحديثه ما نبالي أين وقع ، قال النّجديّ : ما هذا برأي ، أما رأيتم حلاوة منطقه ، وحسن حديثه ، وغلبته على من يلقاه ، ولئن فعلتم ذلك ليدخل على قبيلة من قبائل العرب فأصفقت (١) معه على رأيه ، ثم سار بهم إليكم حتى يطأكم بهم ، فقال أبو جهل : والله إنّ لي فيه رأيا ، ما أراكم وقعتم عليه ، قالوا : وما هو؟ قال : أرى أن تأخذوا من كلّ قبيلة من قريش غلاما جلدا نهدا نسيبا وسيطا ، ثم تعطوه شفارا صارمة ، فيضربوه ضربة رجل واحد ، فإذا قتلتموه تفرّق دمه في القبائل ، فلم تدر عبد مناف بعد ذلك ما تصنع ، ولم يقروا على حرب قومهم ، وإنّما غايتهم عند ذلك أن يأخذوا العقل فتدونه لهم ، قتل النّجديّ : لله درّ هذا الفتى ، هذا الرأي وإلّا فلا شيء ، فتفرّقوا على ذلك واجتمعوا له ، وأتى رسول الله صلىاللهعليهوسلم الخبر وأمر أن لا ينام على فراشه تلك اللّيلة ، فلم يبت موضعه ، بل بيّت عليّا في مضجعه. رواه سعيد بن يحيى بن سعيد الأموي ، عن أبيه (٢).
ثنا ابن إسحاق (٣) ، عن عبد الله بن أبي نجيح ، عن مجاهد ، عن ابن عبّاس.
(ح) (٤). قال ابن إسحاق : وحدّثني الكلبي عن باذام مولى أمّ
__________________
(١) أي اجتمعت.
(٢) سيرة ابن هشام ٢ / ٢٢١ ـ ٢٢٢ ، تاريخ الطبري ٢ / ٣٧١ ـ ٣٧٣ ، طبقات ابن سعد ١ / ٢٢٧ ، نهاية الأرب ١٦ / ٣٢٧ ـ ٣٢٨ ، عيون الأثر ١ / ١٧٨ ـ ١٧٩.
(٣) سيرة ابن هشام ٢ / ٢٢١.
(٤) رمز بمعنى تحويلة للسند.