ثم ساق الحديث ، وزاد فيه : وأخرجت سلاحي ثمّ لبست لأمتي ، وفيه : فكتب لي أبو بكر ، ثمّ ألقاه إليّ فرجعت فسكتّ ، فلم أذكر شيئا ممّا كان ، حتى فتح الله مكة ، وفرغ رسول الله صلىاللهعليهوسلم من حنين خرجت لألقاه ومعي الكتاب ، فدخلت بين كتيبة من كتائب الأنصار ، فطفقوا يقرعونني بالرماح ويقولون : إليك إليك ، حتى دنوت من رسول الله صلىاللهعليهوسلم وهو على ناقته ، انظر إلى ساقه في غرزة كأنّها جمارة (١) ، فرفعت يدي بالكتاب فقلت : يا رسول الله هذا كتابك ، فقال : «يوم وفاء وبرّ إذن» ، قال : فأسلمت ، ثمّ ذكرت شيئا أسأل عنه رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، قال ابن شهاب : سأله عن الضّالّة وشيء آخر ، قال : فانصرفت وسقت إلى رسول الله صدقتي (٢).
وقال البكّائي ، عن ابن إسحاق : حدّثت عن أسماء بنت أبي بكر أنها قالت : لمّا خرج رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأبو بكر ، أتى نفر من قريش ، فيهم أبو جهل ، فوقفوا على باب أبي بكر ، فخرجت إليهم فقالوا : أين أبوك؟ قلت : لا أدري والله أين أبي ، فرفع أبو جهل يده ـ وكان فاحشا خبيثا ـ فلطمني على خدّي لطمة طرح منها قرطي (٣).
وحدّثني يحيى بن عبّاد بن عبد الله بن الزّبير أنّ أباه حدّثه عن جدّته أسماء بنت أبي بكر قالت : لمّا خرج رسول الله صلىاللهعليهوسلم وخرج معه أبو بكر ، احتمل أبو بكر ماله كلّه معه ، خمسة آلاف أو ستة آلاف درهم ، فانطلق به معه ، فدخل علينا جدّي أبو قحافة ـ وقد ذهب بصره ـ فقال : والله إنّي لأراه فجعكم بماله مع نفسه ، قالت : كلّا يا أبت ، قد ترك لنا خيرا كثيرا ، قالت : فأخذت أحجارا فوضعتها في كوّة من البيت كان أبي يضع فيها ماله ، ثم وضعت عليها ثوبا ، ثم أخذت بيده فقالت : ضع يدك على هذا المال ،
__________________
[(ـ ١١٥ ،)] والديار بكري في تاريخ الخميس ١ / ٣٧٤ ـ ٣٧٥.
(١) الجمارة : قلب النخلة ، شبّه ساقه بها لبياضها ، (النهاية).
(٢) دلائل النبوّة لأبي نعيم ٢ / ١١٥ ، نهاية الأرب ١٦ / ٣٣٦ وانظر : سيرة ابن هشام ٢ / ٢٢٦.
(٣) سيرة ابن هشام ٢ / ٢٢٥.