فركبنا مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم وهو بيننا كأنّما علينا الطّير تظلّنا ، فعرضت له امرأة معها صبيّ فقالت : يا رسول الله إنّ ابني هذا يأخذه الشيطان كلّ يوم ثلاث مرّات. فتناوله فجعله بينه وبين مقدّم الرّحل ثمّ قال : «أخس (١) عدوّ الله ، أنا رسول الله ، أخس عدوّ الله ، أنا رسول الله ، ثلاثا ، ثم دفعه إليها ، فلمّا قضينا سفرنا مررنا بذلك المكان ، فعرضت لنا المرأة معها صبيّها ومعها كبشان تسوقهما ، فقالت : يا رسول الله اقبل منّي هديّتي ، فو الّذي بعثك بالحقّ ما عاد إليه بعد ، فقال : «خذوا منها واحدا وردّوا عليها الآخر».
قال : ثم سرنا ورسول الله صلىاللهعليهوسلم بيننا كأنّما علينا الطّير تظلّنا ، فإذا جمل نادّ حتى إذا كان بين السّماطين خرّ ساجدا ، فجلس رسول الله صلىاللهعليهوسلم وقال على النّاس : من صاحب الجمل؟ فإذا فتية من الأنصار قالوا : هو لنا يا رسول الله ، قال : «فما شأنه» ، قالوا : استنينا (٢) عليه منذر عشرين سنة ، وكانت له شحيمة ، فأردنا أن ننحره فنقسمه بين غلماننا فانفلت منّا ، قال : «بيعونيه» ، قالوا : هو لك يا رسول الله. قال : «أمّا لي فأحسنوا إليه حتى يأتيه أجله» ، فقال المسلمون عند ذلك : يا رسول الله نحن أحقّ بالسّجود لك من البهائم ، قال : «لا ينبغي لشيء أن يسجد لشيء ، ولو كان ذلك كان النّساء لأزواجهنّ».
رواه يونس بن بكير ، عن إسماعيل ، وعنده : «لا ينبغي لبشر أن يسجد لبشر» وهو أصحّ (٣).
__________________
(١) كذا في الأصل. وأصله (اخسأ) كما ورد في بعض الروايات ، قلبت الهمزة ألفا ، ثم حذفت ، لأنّ فعل الأمر يبنى على حذف حرف العلّة. وفي نسخة دار الكتب المصرية (احبس) ، والتصحيح من المراجع المشهورة ، وفي الدارميّ : اخسأ.
(٢) أي استقينا.
(٣) رواه الدارميّ في السنن ، في المقدّمة ١ / ١١ ، وأبو نعيم في دلائل النبوّة ٢ / ١٣٧.