رواه عقيل ، عن ابن شهاب ، قال فيه : وابن المسيّب جالس لا ينكر ذلك.
نسخ هذه السّورة ومحوها من صدورهم من براهين النّبوّة ، والحديث صحيح (١).
قال إبراهيم بن يوسف بن أبي إسحاق ، عن أبيه ، عن جدّه ، سمع البراء يقول : كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم أحسن الناس وجها ، وأحسنه خلقا ، ليس بالطّويل الذّاهب ، ولا بالقصير. اتّفقا عليه من حديث إبراهيم (٢).
__________________
(١) في (التحرير والتنوير لمحمد الطاهر بن عاشور) :
مما يقف منه الشّعر ولا ينبغي أن يوجّه إليه النّظر ما قاله بعض المفسّرين في قوله تعالى : «ننسها» إنّه إنساء الله تعالى المسلمين للآية أو للسّورة ، أي إذهابها عن قلوبهم أو إنساؤه النّبيّ صلىاللهعليهوسلم إيّاها فيكون نسيان النّاس كلّهم لها في وقت واحد دليلا على النّسخ ، واستدلّوا لذلك بحديث أخرجه الطّبرانيّ بسنده إلى ابن عمر قال : قرأ رجلان سورة أقرأهما إيّاها رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقاما ذات ليلة يصلّيان ، فلم يقدرا منها على حرف ، فغديا على رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فذكرا ذلك له ، فقال لهما : إنّها ممّا نسخ وأنسي ، فالهوا عنها.
قال ابن كثير : هذا الحديث في سنده «سليمان بن أرقم» وهو ضعيف : وقال ابن عطيّة : هذا حديث منكر غرب به الطّبرانيّ ، وكيف خفي مثله على أئمّة الحديث. والصحيح أنّ نسيان النّبيّ ما أراد الله نسخه ، ولم يرد أن يثبّته قرآنا جائز ، أي لكنّه لم يقع. فأمّا النّسيان الّذي هو آفة في البشر ، فالنّبيّ معصوم عنه قبل التبليغ ، وأمّا بعد التبليغ وحفظ المسلمين له فجائز. وقد روي أنّه أسقط آية من سورة في الصّلاة ، فلمّا فرغ قال لأبيّ : لم لم تذكّرني؟ قال : حسبت أنّها رفعت. قال : لا ، ولكنّي نسيتها أه. والحقّ عندي أنّ النّسيان العارض الّذي يتذكّر بعده جائز ، ولا تحمل عليه الآية ، لمنافاته لظاهر قوله : (نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها) ، وأمّا النّسيان المستمرّ للقرآن فأحسب أنّه لا يجوز. وقوله تعالى : (سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى) ، دليل عليه. وأمّا ما ورد في «صحيح مسلم» عن أنس قال : كنّا نقرأ سورة نشبّهها في الطّول ببراءة ، فأنسيتها ، غير أنّي حفظت منها «لو كان لابن آدم واديان من مال لابتغى لهما ثالثا ، وما يملأ جوف ابن آدم إلا التراب ، ويتوب الله على من تاب» أه. فهو غريب ، وتأويله أنّ هنالك سورة نسخت قراءتها وأحكامها ، ونسيان المسلمين لما نسخ لفظه من القرآن غير عجيب ، على أنّه حديث غريب.
(٢) رواه البخاري في المناقب ٤ / ١٦٥ باب صفة النبيّ صلىاللهعليهوسلم ، ومسلم (٢٣٣٧ / ٩٣) في كتاب الفضائل ، باب في صفة النبيّ صلىاللهعليهوسلم وأنه كان أحسن الناس وجها.