كالقضيب ، ليس في بطنه ولا صدره شعر غيره ، شثن الكفّ والقدم ، إذا مشى كأنّما ينحدر من صبب ، وإذا مشى كأنّما يتقلّع من صخر ، وإذا التفت التفت جميعا ، كأنّ عرقه اللّؤلؤ ، ولريح عرقه أطيب من المسك ، ليس بالطّويل ولا بالقصير ، ولا بالعاجز ولا اللّئيم ، لم أر قبله ولا بعده مثله (١).
قال البيهقي : أنا أبو عليّ الرّوذباريّ ، أنا عبد الله بن عمر بن شوذب ، أنا شعيب بن أيّوب الصّريفينيّ عنه ، وقال حفص بن عبد الله النّيسابوريّ : حدّثني إبراهيم بن طهمان ، عن حميد ، عن أنس قال : لم يكن النّبيّ صلىاللهعليهوسلم بالآدم ، ولا الأبيض الشديد البياض ، فوق الرّبعة ودون الطّويل ، كان من أحسن من رأيت من خلق الله تعالى ، وأطيبه ريحا وألينه كفّا ، كان يرسل شعره إلى أنصاف أذنيه ، وكان يتوكّأ إذا مشى (٢).
وقال معمر ، عن الزّهريّ قال : سئل أبو هريرة عن صفة النّبيّ صلىاللهعليهوسلم فقال : كان أحسن النّاس صفة وأجملها ، كان ربعة إلى الطّول ما هو ، بعيد ما بين المنكبين ، أسيل الخدّين (٣) ، شديد سواد الشّعر ، أكحل العينين ، أهدب ، إذا وطئ بقدمه وطئ بكلّها ، ليس أخمص ، إذا وضع رداءه عن منكبه فكأنّه سبيكة فضّة ، وإذا ضحك يتلألأ ، لم أر قبله ولا بعده مثله. رواه عبد الرزاق عنه.
__________________
(١) رواه ابن سعد في الطبقات ١ / ٤١٠ وابن عساكر في تهذيب تاريخ دمشق ١ / ٣١٧ ، والطبري في تاريخه ٣ / ١٧٩ والبلاذري في أنساب الأشراف ١ / ٣٩٤ رقم ٨٤٨.
(٢) أخرج بعضه أبو داود في كتاب الأدب ٤ / ٢٦٦ رقم (٤٨٦٣) باب في هدي الرجل ، والترمذي في اللباس (١٨٠٧) باب ما جاء في الجمّة واتخاذ الشعر ، وقال : وفي الباب عن عائشة ، والبراء ، وأبي هريرة ، وابن عباس ، وأبي سعيد ، ووائل بن حجر ، وجابر ، وأم هانئ. وأضاف : حديث أنس حديث حسن غريب صحيح من هذا الوجه من حديث حميد.
(٣) قال في حاشية الأصل : «الأسيل الخدّ : أن لا يكون مرتفع الوجنة».