نبيّنا صلىاللهعليهوسلم ، قال : أنتم إذا السّمراء ، قلنا : وما السّمراء؟ قال : لستم بهم ، قلنا : ومن هم؟ قال : قوم يقومون اللّيل ويصومون النّهار ، قلنا : فنحن والله نصوم النّهار ونقوم اللّيل ، قال : فكيف صلاتكم؟ فوصفناها له ، قال : فكيف صومكم؟ فأخبرناه به.
وسألنا عن أشياء فأخبرناه ، فيعلم الله لعلا وجهه سواد حتّى كأنّه مسح أسود ، فانتهرنا وقال لنا : قوموا ، فخرجنا وبعث معنا أدلّاء إلى ملك الروم ، فسرنا ، فلمّا دنونا من القسطنطينية قالت الرّسل الذين معنا : إنّ دوابّكم هذه لا تدخل مدينة الملك ، فأقيموا حتى نأتيكم ببغال وبراذين ، قلنا : والله لا ندخل إلّا على دوابّنا ، فأرسلوا إليه يعلمونه ، فأرسل : أن خلّوا عنهم ، فتقلّدنا سيوفنا وركبنا رواحلنا ، فاستشرف أهل القسطنطينية لنا وتعجّبوا ، فلمّا دنونا إذا الملك في غرفة له ، ومعه بطارقة الروم ، فلمّا انتهينا إلى أصل الغرفة أنخنا ونزلنا ، وقلنا : (لا إله إلّا الله والله أكبر) فيعلم الله تنقّضت الغرفة حتّى كأنّها عذق نخلة تصفّقها الرّياح ، فإذا رسول يسعى إلينا يقول : ليس لكم أن تجهروا بدينكم على بابي ، فصعدنا فإذا رجل شابّ قد وخطه الشّيب ، وإذا هو فصيح بالعربية ، وعليه ثياب حمر ، وكلّ شيء في البيت أحمر ، فدخلنا ولم نسلّم ، فتبسّم وقال : ما منعكم أن تحيّوني بتحيّتكم؟ قلنا : إنّها لا تحلّ لكم ، قال : فكيف هي؟ قلنا : «السلام عليكم» ، قال : فما تحيّون به ملككم؟ قلنا : بها ، قال : فما كنتم تحيّون به نبيّكم؟ قلنا : بها ، قال : فما ذا كان يحيّيكم به؟ قلنا : كذلك ، قال : فهل كان نبيّكم يرث منكم شيئا؟ قلنا : لا ، يموت الرجل فيدع وارثا أو قريبا فيرثه القريب ، وأمّا نبيّنا فلم يكن يرث منّا شيئا ، قال : فكذلك ملككم؟ قلنا : نعم.
قال فما أعظم كلامكم عندكم؟ قلنا : لا إله إلّا الله (١) ، فانتفض وفتح
__________________
(١) في «السيرة الشامية» ١ / ١٥٨ زيادة : (فلمّا تكلّمنا بها تنقّضت الغرفة) ، وفيها اختلاف عما هنا في الرواية.