شريك له ، وأشهد أنّ محمدا عبده ورسوله ، وقد كنّا قد ولّيناك شيئا من أمر المسلمين ، فلا أدري ما صنعت ، أوفيت بعهدنا ، أم خنتنا ، فإذا أتاك كتابي هذا ـ إن شاء الله تعالى ـ فاحمل إلينا ما قبلك من فيء المسلمين ، ثم أقبل ، والسلام عليك».
قال : فأقبل عمير ماشيا من حمص ، وبيده عكّازه ، وإداوة ، وقصعة ، وجراب ، شاحبا ، كثير الشعر ، فلما قدم على عمر قال له : يا عمير ، ما هذا الّذي أرى من سوء حالك ، أكانت البلاد بلاد سوء ، أم هذه منك خديعة؟.
قال عمير : يا عمر بن الخطّاب ألم ينهك الله عن التجسّس وسوء الظّنّ؟ ألست تراني ظاهر الدم ، صحيح البدن ومعي الدنيا بقرابها!
قال عمر : ما معك من الدنيا؟
قال : مزودي أجعل فيه طعامي ، وقصعة آكل فيها ، ومعي عكّازتي هذه أتوكأ عليها وأجاهد بها عدوّا إن لقيته ، وأقتل بها حيّة إن لقيتها ، فما بقي من الدنيا!
قال : صدقت ، فأخبرني ما حال من خلّفت من المسلمين؟
قال : يصلّون ويوحّدون ، وقد نهى الله أن نسأل عما وراء ذلك.
قال : ما صنع أهل العهد؟.
قال عمير : أخذنا منهم الجزية عن يد وهم صاغرون.
قال : فما صنعت بما أخذت منهم؟.
قال : وما أنت وذاك يا عمر! أرسلتني أمينا ، فنظرت لنفسي ، وايم الله لو لا أنّي أكره أن أغمّك لم أحدّثك يا أمير المؤمنين ، قدمت بلاد الشام ، فدعوت المسلمين ، وأمرتهم بما حقّ لهم عليّ فيما افترض الله تعالى عليهم ، ودعوت أهل العهد ، فجعلت عليهم من يجيبهم ، فأخذناه منهم ، ثم رددناه على فقرائهم ومجهوديهم ، ولم ينلك من ذلك شيء ، فلو نالك بلّغناك إياه.
قال عمر : سبحان الله ، ما كان فيهم رجل يتبرّع عليك بخير ويحملك على دابّة ، جئت تمشي ، بئس المعاهدون فارقت ، وبئس المسلمون ، أما والله لقد سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وهو يقول : «لتوطأنّ حرمهم وليجارنّ عليهم