هانئ حتى خرج الزجّ (١) ، واغترز في الحائط ، وبلغ الخبر مسلم بن عقيل ، فوثب بالكوفة ، وخرج بمن خفّ معه ، فاقتتلوا ، فقتل مسلم ، وذلك في أواخر سنة ستين.
وروى الواقدي ، والمدائني ، بإسنادهم : أنّ مسلم بن عقيل بن أبي طالب خرج في أربعمائة ، فاقتتلوا ، فكثّرهم أصحاب عبيد الله ، وجاء الليل ، فهرب مسلم حتى دخل على امرأة من كندة ، فاستجار بها ، فدلّ عليه محمد بن الأشعث ، فأتي به إلى عبيد الله ، فبكّته وأمر بقتله ، فقال : دعني أوصي ، فقال : نعم ، فنظر إلى عمر بن سعد بن أبي وقّاص فقال : إنّ لي إليك حاجة وبيننا رحم ، فقام إليه فقال : يا هذا ليس هنا رجل من قريش غيري وغيرك وهذا الحسين قد أظلّك ، فأرسل إليه فلينصرف ، فإنّ القوم قد غرّوه وخدعوه وكذّبوه ، وعليّ دين فاقضه عنّي ، واطلب جثّتي من عبيد الله بن زياد فوارها ، فقال له عبيد الله : ما قال لك؟ فأخبره ، فقال : أما مالك فهو لك لا نمنعه منك ، وأما الحسين فإن تركنا لم نردّه ، وأما جثّته فإذا قتلناه لم نبال ما صنع به ، فقتل رحمهالله.
ثم قضى عمر بن سعد دين مسلم ، وكفّنه ودفنه ، وأرسل رجلا على ناقة إلى الحسين يخبره بالأمر ، فلقيه على أربع مراحل ، وبعث عبيد الله برأس مسلم وهانئ إلى يزيد بن معاوية ، فقال علي لأبيه الحسين : ارجع يا أبه ، فقال بنو عقيل : ليس ذا وقت رجوع.
__________________
(١) الزج بالضم : الحديدة في أسفل الرمح ، كما في القاموس المحيط.