كنت أتّجر ، قال : انظر رأس مالك ورزقك فخذه ، واجعل الآخر في بيت المال (١).
وقال محمد بن سيرين : استعمل عمر أبا هريرة على البحرين ، فقدم بعشرة آلاف ، فقال له عمر : استأثرت بهذه الأموال يا عدوّ الله وعدوّ كتابه ، قال : لست بعدوّ الله ولا عدوّ كتابه ، ولكنّي عدوّ من عاداهما ، قال : فمن أين هذا؟ قال : خيل نتجت لي وغلّة رقيق ، وأعطية تتابعت عليّ ، فنظروا فوجدوه كما قال (٢). ثم بعد ذلك دعاه عمر ليستعمله فأبى.
وروى معمر ، عن محمد بن زياد قال : كان معاوية يبعث أبا هريرة على المدينة ، فإذا غضب عليه بعث مروان وعزل أبا هريرة ، فلم يلبث أن نزع مروان وبعث أبا هريرة ، فقال لغلام أسود : قف على الباب ، فلا تمنع أحدا إلا مروان ، ففعل الغلام ، ودخل الناس ، ومنع مروان ، ثم جاء نوبة فدخل وقال : حجبنا منك ، فقال : إنّ أحقّ من لا ينكر هذا لأنت (٣).
قلت : كأنه بدا منه نحو هذا في حقّ أبي هريرة.
وقال ثابت البناني ، عن أبي رافع قال : كان مروان (٤) ربما استخلف أبا هريرة على المدينة ، فيركب حمارا ببردعة ، وخطامه ليف ، فيسير فيلقى الرجل فيقول : الطريق ، قد جاء الأمير. وربما أتى الصبيان وهم يلعبون بالليل لعبة الأعراب ، فلا يشعرون بشيء حتى يلقي نفسه بينهم ، ويضرب برجليه ، فيفزع الصبيان ويفرّون (٥).
وعن ثعلبة بن أبي مالك قال : أقبل أبو هريرة في السوق يحمل حزمة حطب ، وهو يومئذ خليفة لمروان ، فقال : أوسع الطريق للأمير (٦).
__________________
(١) طبقات ابن سعد ٤ / ٣٣٥ ، ٣٣٦.
(٢) أخرجه ابن سعد في الطبقات ٤ / ٣٣٥ ، وابن كثير في البداية والنهاية ٨ / ١١٣.
(٣) تاريخ دمشق ١٩ / ١٢٥ أ.
(٤) «مروان» ساقطة من الأصل ، والاستدراك من (البداية والنهاية ٨ / ١١٣).
(٥) تاريخ دمشق ١٩ / ١٢٥ أ.
(٦) حلية الأولياء ١ / ٣٨٤ ، تاريخ دمشق ١٩ / ١٢٥ أ.