وكلّ عربي صميم إذا تجرد عن كلّ رأي مسبق ودعمِ أي مذهب ، لا يتلقى من الآية ، إلّا ما ذكرنا وانّ المقصود أنّه لا مصداق للإله الذي يعتقده الإنسان بقضاء الفطرة إلّا هو.
وهناك مجموعة من الآيات يمكن أن نستظهر منها ما قويناه وهو وحدة مفهوم اللفظين (الله ـ الإله) والاختلاف بينهما في الجزئية والكلية. قال سبحانه :
(هُوَ اللهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ* هُوَ اللهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحانَ اللهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ*
هُوَ اللهُ الْخالِقُ الْبارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى يُسَبِّحُ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (الحشر / ٢٣ ـ ٢٤).
وأمّا كيفية الدلالة ، فبيانها : انّ مرجعَ الضمير في صدر الآيات هو الموجود الذي يعتقده الإنسان بقضاء الفطرة ويتوجه إليه في الشدائد والمصائب وتعبِّر عنه كلّ أُمة بلغتها ـ فعندئذٍ ، يكون مفاد الآية أنّ ذاك المعتقد العام (هو) ليس إلّا من له هذه الأوصاف.
(اللهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ ...).
(اللهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ ...).
(اللهُ الْخالِقُ الْبارِئُ الْمُصَوِّرُ ...) (الحشر / ٢٢ ـ ٢٤).
إلى غير ذلك من خصائص الإله.
فلا مناص في تفسير الآيات عن القول بانسلاخ لفظ الجلالة عن معنى العلمية ، وترادفه مع لفظ الإله حتى يقع وصفاً كسائر الأوصاف.