اختلال في الكون. وأدلّ دليل على ذلك هو المشاهدة. فإنّ في العالم آلهة متعددة ، وقد كان في أطراف الكعبة المشرفة ثلاثمائة وستون إلهاً ولم يقع أيّ فساد واختلال في الكون.
فيلزم على من يفسر (الإله) بالمعبود ارتكاب التكلّف بما ذكرناه في الآية المتقدمة.
٣ ـ (قُلْ لَوْ كانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَما يَقُولُونَ إِذاً لَابْتَغَوْا إِلى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلاً) (الإسراء / ٤٢).
فانّ ابتغاء السبيل إلى ذي العرش من لوازم تعدد الخالق أو المدبّر المتصرف أو من بيده أزمّة أمور الكون أو غير ذلك ممّا يرسمه في ذهننا معنى الأُلوهية ، وأمّا تعدد المعبود فلا يلزم ذلك إلّا بالتكلّف الذي أشرنا إليه فيما سبق.
٤ ـ (إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَها وارِدُونَ* لَوْ كانَ هؤُلاءِ آلِهَةً ما وَرَدُوها) (الأنبياء / ٩٨ ـ ٩٩).
والآية تستدل بورود الأصنام والأوثان في النار على أنّها ليست آلهة إذ لو كانوا آلهة ما وردوا النار.
والاستدلال إنّما يتم لو فسرنا الآلهة بما أشرنا إليه فانّ خالق العالم أو مدبّره والمتصرف فيه أو من فوض إليه أفعال الله أجلّ من أن يُحكَم عليه بالنار وأن يكون حصبَ جهنّم.
وهذا بخلاف ما إذا جعلناه بمعنى المعبود فلا يتم البرهان ، إذ لا ملازمة بين كونها معبودات وعدم كونها حصبُ جهنم. ولو أمعنت في الآيات التي ورد فيها لفظ الإله والآلهة لقدرت على استظهار ما اخترناه. وإليك مورداً منها في قوله تعالى :
٥ ـ (فَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ) (الحج / ٣٤).