يشابهها مصاديق وصور لمعنى واحد أصيل يوجد في كلّ هذه المعاني المذكورة ، وينبغي أن لا نعتبرها معاني متمايزة ومختلفة للفظة الربّ بل المعنى الحقيقي والأصيل للفظ هو : من بيده أمر التدبير والإدارة والتصرّف ، وهو مفهوم كلّي ومتحقّق في جميع المصاديق والموارد الخمسة المذكورة (أعني : التربية ، والإصلاح ، والحاكمية والمالكية ، والصاحبية).
فإذا أطلق يوسف الصديق عليهالسلام لفظ الربّ على عزيز مصر ، وقال :
(إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوايَ) (يوسف / ٢٣).
فلأجل أنّ يوسف تربّى في بيت عزيز مصر وكان العزيز متكفلاً لتربيته الظاهرية وقائماً بشئونه.
وإذا وصف يوسف عزيزَ مصر بكونه ربّاً لصاحبه في السجن ، وقال :
(أَمَّا أَحَدُكُما فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْراً) (يوسف / ٤١).
فلأنّ عزيز مصر كان سيّدَ مصر وزعيمها ومدبّر أُمورها ومتصرّفاً في شئونها ومالكاً لزمامها.
وإذا وصف القرآن اليهود والنصارى بأنّهم اتّخذوا أحبارهم أرباباً إذ يقول :
(اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللهِ) (التوبة / ٣١).
فلأجل أنّهم أعطوهم زمام التشريع واعتبروهم أصحاب سلطة وقدرة فيما يختص بالله.
وإذا وصف الله نفسه بأنّه «ربّ البيت» فلأنّ إليه أُمور هذا البيت مادّيها ومعنويها ، ولا حقّ لأحد في التصرّف فيه سواه.
وإذا وصف القرآن «الله» بأنّه :
(رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) (الصافات / ٥).