وأمّا البراهين العقلية في هذا المجال وإبطال (الثنوية) و (التثليث) فموكول إلى الكتب المدونة في هذا المضمار.
إنّ هناك معنى آخر للتوحيد في الذات وهو انّه سبحانه بسيط لا جزء له ، فرد ليس بمركب من أجزاء ، ولعلّ قوله سبحانه : «في سورة الإخلاص» (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) يعني هذا القسم من التوحيد كما أنّ الآية الأخيرة أعني قوله : (وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ) تهدف إلى معنى التوحيد في الذات بالمعنى الأوّل ، وبهذا يندفع إشكال التكرار فيها.
* * *
الثانية : التوحيد في الخالقية
والمراد منه أنّه ليس في صفحة الوجود خالق غير الله ، ولا فاعل سواه ، وأنّ كلّ ما يوجد في صفحة الوجود من فواعل وأسباب فإنّما هي غير مستقلات في التأثيرات وإنّما تؤثر بإذنه سبحانه وأمره ، فجميع الأسباب والمسببات مخلوقة لله بمعنى أنّها تنتهي إليه.
ويدل على التوحيد بهذا المعنى (قُلِ اللهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْواحِدُ الْقَهَّارُ) (الرعد / ١٦).
وقوله سبحانه : (اللهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ) (الزمر / ٦٢).
وقوله سبحانه : (ذلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) (المؤمن / ٦٢). (١)
__________________
(١) ولاحظ في هذا الموضوع سور الأنعام ١٠١ و ١٠٢ ، الحشر / ١٤ ، فاطر / ٣ ، والأعراف / ٥٤.