السابعة : التوحيد في العبادة
والمراد منه حصر العبادة في الله سبحانه ، وهذا هو الأصل المتّفق عليه بين جميع المسلمين بلا أيّ اختلاف فيهم قديماً أو حديثاً فلا يكون الرجل مسلماً ولا داخلاً في زمرة المسلمين إلّا إذا اعترف بحصر العبادة في الله ، أخذاً بقوله سبحانه : (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) (الفاتحة / ٥) وليس أصل بين المسلمين أبين وأظهر من هذا الأصل ، فقد اتّفقوا على العنوان العام جميعهم ومن تفوّه بجواز عبادة غيره فقد خرج عن حظيرة الإسلام.
نعم وقع الاختلاف في المصاديق والجزئيات لهذا العنوان ، فهل هي عبادة غير الله أو أنّها تكريم واحترام وإكبار وتبجيل.
والهدف في الفصل الآتي هو تمييز الجزئيات بعضها عن بعض ، بوضع تعريف منطقي للعبادة حتى يقف القارئ على مصاديق العبادة ومصاديق التكريم عن كثب ولا يختلط بعضها بالبعض الآخر.
إنّ الوهابيين جعلوا الشرك في العبادة ذريعة لتكفير المسلمين وجعلهم في عداد المشركين في العبادة وهم ربما يتلون قوله سبحانه : (وَما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ) (يوسف / ١٠٦) ويفسرونه بإيمان المسلمين ، ولكن ما هو الدليل على هذا التطبيق. ولما ذا لا ينطبق هذا عليهم.
إنّ المسلم الواعي لا ينسب شيئاً إلى إنسان إلّا إذا كان مقروناً بالبرهان والدليل ، معتمداً على قوله سبحانه : (قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) (البقرة / ١١١) ، فلا يتهم المسلم بالشرك إلّا بالدليل ، ولا يضفي عليه عنوان التوحيد إلّا كذلك.
* * *