فيدل بوضوح على أنّ العبادة من شئون الربوبية والخالقية ، فمن كان خالقاً ، أو ربّاً ، مدبّراً للكون والإنسان ، تجب عبادته ، وأمّا من كان مجرداً عن هذه الشئون فكان مخلوقاً بل خالقاً ولا ربّاً ومدبّراً متصرفاً فيه مكان كونه مدبِّراً ومتصرِّفاً ، فلا يصلح أن يكون معبوداً.
* * *
إنّه سبحانه يشرح في مجموعة من الآيات بأنّه الخالق الرازق المميت المحيي ، وإنّ الشفاعة له جميعاً ، وهو الغافر للذنوب لا غيره ، ولا يهدف من ذكر هذه الأوصاف لنفسه إلّا توجيه نظر الإنسان نحو صلاحيته للعبادة لا غيره وهو يعرب عن أنّ العبادة من شئون من يكون خالقاً ، ورازقاً ، مميتاً ، محيياً ، غافراً للذنوب ، ماحياً للسيئات وليس إلّا هو ، وإنّ المشركين يعبدون أصناماً ، يزعمون أنّها تملك شيئاً من هذه الأُمور أو بعضها ولكنّها عقيدة خاطئة ، إذ هو الرازق المحيي المميت الغافر ، للذنوب لا غيره.
٥ ـ يقول سبحانه :
(اللهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ) (الروم / ٤٠).
وقال تعالى : (هَلْ لَكُمْ مِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ مِنْ شُرَكاءَ فِي ما رَزَقْناكُمْ) (الروم / ٢٨).
وقال تعالى : (هُوَ يُحيِي وَيُمِيتُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) (يونس / ٥٦).
وقال سبحانه : (قُلْ لِلَّهِ الشَّفاعَةُ جَمِيعاً) (الزمر / ٤٤).
وقال تعالى : (وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللهُ) (آل عمران / ١٣٥).
فهذا الصنف من الآيات التي تلونا عليك قسماً قليلاً منها يدل على أنّه لا يستحقّ العبادة إلّا من يتمتع بهذه الشئون وما ضاهاها فلو كان متمتعاً بها واقعاً