للحقّ تعالى عمّا يقولون. (؟؟)
* * *
٤ ـ فقيه العصر السيد الخوئي (١٣١٧ ـ ١٤١٢ ه)
إنّ للسيد الفقيه المحقّق السيد أبي القاسم الخوئي قدسسره كلاماً في العبادة في تفسير قوله سبحانه : (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) نأتي به : قال : إنّ حقيقة العبادة خضوع العبد لربّه بما أنّه ربّه والقائم بأمره ، والربوبية تقتضي حضورَ الربّ لتربية مربوبه ، وتدبير شئونه. وكذلك الحال في الاستعانة فانّ حاجة الإنسان إلى إعانة ربّه وعدم استغنائه عنه في عبادته ، تقتضي حضورَ المعبود لتتحقّق منه الإعانة ، فلهذين الأمرين عدل السياق من الغيبة إلى الخطاب فالعبد حاضر بين يدي ربّه غير غائب عنه.
مما لا يرتاب فيه مسلم أنّ العبادة بمعنى التألّه ، تختص بالله سبحانه وحده ، وقد قلنا : إنّ هذا المعنى هو الذي ينصرف إليه لفظ العبادة عند الإطلاق ، وهذا هو التوحيد الذي أُرسلت به الرسل ، وأُنزلت لأجله الكتب :
(قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنا بَعْضاً أَرْباباً مِنْ دُونِ اللهِ) (آل عمران / ٦٤).
فالإيمان بالله تعالى لا يجتمع مع عبادة غيره ، سواء أنشأت هذه العبادة عن اعتقاد التعدد في الخالق ، وإنكار التوحيد في الذات ، أم نشأت عن الاعتقاد بأنّ الخلق معزولون عن الله فلا يصل إليه دعاؤهم ، وهم محتاجون إلى إله أو آلهة أُخرى تكون وسائط بينهم وبين الله يقربونهم إليه ، وشأنه في ذلك شأن الملوك وحفدتهم ، فانّ الملك لما كان بعيداً عن الرعية احتاجت إلى وسائط يقضون حوائجهم ، ويجيبون دعواتهم.
__________________
١ ـ الفقاعي العزامي المصري، فرقان القرآن:١١١ ـ ١١٤.