غاية لا يصل إليها إلّا من ارتاض في ميدان العبادة حتى ينسى نفسه ولا يرى إلّا معبوده ، وأين تلك الأُمنية من متناول أغلبية الناس الذين تهمهم أنفسهم لا غير ، وإن أطاعوه فلأجل الخوف.
وإليك حديثين رائعين عن أئمّة أهل البيت عليهمالسلام :
قال أمير المؤمنين عليهالسلام : إنّ قوماً عبدوا الله رغبة فتلك عبادة التجار ، وإنّ قوماً عبدوا الله رهبة فتلك عبادة العبيد ، وإنّ قوماً عبدوا الله شكراً فتلك عبادة الأحرار. (١)
وقال الإمام الصادق عليهالسلام : العبادة ثلاثة ، قوم عبدوا الله عزوجل خوفاً فتلك عبادة العبيد ، وقوم عبدوا الله تبارك وتعالى طلب الثواب فتلك عبادة الأُجراء ، وقوم عبدوا الله عزوجل حبّاً له فتلك عبادة الأحرار ، وهي أفضل العبادة. (٢)
٣ ـ كونه سبحانه أهلاً للعبادة
أن يعبد الله بما أنّه أهل لأن يُعبد ، لكونه جامعاً لصفات الكمال والجمال ، وهذا النوع من الداعي يختص بالمخلصين من عباده الّذين لا يرون لأنفسهم إنّية ، ولا لذواتهم أمام خالقهم شخصية ، اندكت أنفسهم في ذات الله فلا ينظرون إلى شيء إلّا ويرون الله قبله ومعه وبعده ، فهم المخلَصون الّذين لا يطمع الشيطان في إغوائهم قال سبحانه حاكياً عن إبليس : (وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ* إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ) (الحجر / ١٩ ـ ٤٠) قال سيد الموحدين علي عليهالسلام : «ما عبدتك خوفاً من نارك ، ولا طمعاً في جنتك ولكن وجدتك أهلاً للعبادة فعبدتُك. (٣)
__________________
(١) نهج البلاغة ، قسم الحكم برقم ٢٣٧.
(٢) الحر العاملي : وسائل الشيعة ج ١ / ٤٤ ، ب ٨ من أبواب المقدمة ، الحديث ٨.
(٣) المجلسي : مرآة العقول ، ج ٨ ، ص ٨٩ : باب النيّة.