(وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ) (آل عمران / ١٢٦).
(إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) (الحمد / ٥).
(وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللهِ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (الأنفال / ١٠).
هذه الآيات نماذج من الصنف الأوّل وإليك فيما يأتي نماذج من النصف الآخر الذي يدعونا إلى الاستعانة بغير الله من العوامل والأسباب.
(وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ) (البقرة / ٤٥).
(وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى) (المائدة / ٢).
(ما مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ) (الكهف / ٩٥).
(وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ) (الأنفال / ٧٢).
ومفتاح حلّ التعارض بين هذين الصنفين من الآيات هو ما ذكرناه وملخّصه :
إنّ في الكون مؤثراً تامّاً ، ومستقلاً واحداً ، غير معتمد على غيره لا في وجوده ولا في فعله وهو الله سبحانه :
وأمّا العوامل الأُخر فجميعها مفتقرة ـ في وجودها وفعلها ـ إليه وهي تؤدي ما تؤدي بإذنه ومشيئته وقدرته ، ولو لم يعط سبحانه تلك العوامل ما أعطاها من القدرة ولم تجر مشيئته على الاستعانة بها لما ، كانت لها أيّة قدرة على شيء.
فالمعين الحقيقي في كلّ المراحل ـ على هذا النحو تماماً ـ هو الله فلا يمكن الاستعانة بأحد باعتباره معيناً مستقلاً. ولهذه الجهة حصر هنا الاستعانة في الله وحده ، ولكن هذا لا يمنع بتاتاً من الاستعانة بغير الله باعتباره غير مستقلّ (أي باعتباره معيناً بالاعتماد على القدرة الإلهية) ومعلوم أنّ استعانة ـ كهذه ـ لا تنافي حصر الاستعانة في الله سبحانه لسببين :