والفقر ، والأصالة وعدم الأصالة.
إنّ الاستعانة بالعوامل غير المستقلّة المستندة إلى الله ، التي لا تعمل ولا تؤثر إلّا بإذنه تعالى غير موجبة للغفلة عن الله ، بل هي خير موجّه إلى الله ، ومذكّر به ، إذ معناها : انقطاع كلّ الأسباب وانتهاء كلّ العلل إليه.
ومع هذا كيف يقول صاحب المنار : «أُولئك عن ذكر الله معرضون» ولو كان هذا النوع من الاستعانة موجباً لنسيان الله والغفلة عنه للزم أن تكون الاستعانة بالأسباب المادية الطبيعية هي أيضاً موجبة للغفلة عنه.
على أنّ الأعجب من ذلك رأي شيخ الأزهر الشيخ محمود شلتوت الذي نقل ـ في هذا المجال ـ نصّ كلمات عبده دون زيادة ونقصان ، وختم المسألة بذلك ، وأخذ بالحصر في (إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) غافلاً عن حقيقة الآية وعن الآيات الأُخرى المتعرّضة لمسألة الاستعانة. (١)
إجابة على سؤال
إذا كانت الاستعانة بالغير على النحو الذي بيّناه جائزة فهي تستلزم نداء أولياء الله والاستغاثة بهم في الشدائد والمكاره ، وهي غير جائزة وذلك لأنّ نداء غير الله في المصائب والحوائج تشريك الغير مع الله ، يقول سبحانه : (وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَداً) (الجن / ١٨) ويقول تعالى : (وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ وَلا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ) (الأعراف / ١٩٧) ويقول عزّ من قائل : (وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ ما يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ) (فاطر / ١٣). إلى غير ذلك من الآيات التي تخص الدعاء بالله ولا تسيغ دعوة غيره.
__________________
(١) راجع تفسير شلتوت : ٣٦ ـ ٣٩.