(هود / ١٠١).
وما ورد من الآيات في السؤال كلّها من هذا القبيل فانّها وردت في حقّ المشركين القائلين بأُلوهية أصنامهم وأوثانهم باعتقاد استقلالهم في التصرف والشفاعة وتفويض الأُمور إليهم ولو في بعض الشئون. ففي هذا المجال يعود كلّ دعاء عبادة ، ويفسر الدعاء في الآيات الماضية والتالية بالعبادة ، قال تعالى :
(إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ عِبادٌ أَمْثالُكُمْ) (الأعراف / ١٩٤). (قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلا تَحْوِيلاً* أُولئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ) (الإسراء / ٥٦ ـ ٥٧). (وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَنْفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ) (يونس / ١٠٦). (إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعاءَكُمْ) (فاطر / ١٤). وما ورد في الأثر من أنّ الدعاء مُخّ العبادة ، أُريد منه دعاء الله أو دعاء الآلهة لا مطلق الدعاء وإن كان المدعوّ غير إله لا حقيقة أو اعتقاداً.
وفي روايات أئمّة أهل البيت إلماع إلى ذلك ، يقول الإمام زين العابدين في ضمن دعائه : «... فسمّيت دعاءك عبادة وتركه استكباراً وتوعّدت على تركه دخول جهنّم داخرين» (١) وهو يشير في كلامه هذا إلى قوله سبحانه : (وَقالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ) (غافر ٦٠)
هذا هو الدعاء المساوي للعبادة وهناك قسم آخر منه لا صلة بينه وبين العبادة وهو فيما إذا دعا شخصاً بما أنّه إنسان وعبد من عباد الله غير أنّه قادر على إنجاز طلبه بإقدار منه تعالى وإذن منه ، فليس مثل هذه الدعوة عبادة بل سنّة من السنن الإلهية في الكون ، هذا هو ذو القرنين يواجه قوماً مضطهدين يطلبون منه أن
__________________
(١) الصحيفة السجادية ، دعاؤه برقم ٤٥.