سفيان بن عيينة قال : سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمد عليهالسلام يقول : « وجدت علوم الناس كلها في أربع خلال : أولها أن تعرف ربك ، والثانية أن تعرف ما صنع بك ، والثالثة أن تعرف ما أراد منك ، والرابعة أن تعرف ما يخرجك من دينك » (١).
محمد بن عجلان قال : أصابتني فاقة شديدة وإضاقة ، ولا صديق لمضيق ، ولزمني دين ثقيل ، وغريم ملح في اقتضائه ، فتوجهت نحو دار الحسن بن زيد ـ وهو يومئذ أميرالمدينة ـ لمعرفة كانت بيني وبينه ، وشعر بذلك من حالي محمد بن عبدالله بن علي ابن الحسين ، وكانت بيني وبينه قديم معرفة ، ولقيني في الطريق فأخذ بيدي وقال : قد بلغني ما أنت بسبيله ، فمن تؤمل لكشف ما نزل بك؟
قلت : الحسن بن زيد.
فقال : إذاً لاتنقضي حاجتك ولا تسعف بطلبتك ، فعليك بمن يقدرعلى ذلك ، وهوأجود الأجودين ، فالتمس ما تؤمله من قبله ، فاني سمعت ابن عمي ـ جعفر ابن محمد ـ يحدث عن أبيه ، عن جده ، عن أبيه الحسين بن علي ، عن أبيه علي بن أبيطالب عليهمالسلام ، عن النبي صلىاللهعليهوآله قال : « أوحى الله إلى بعض أنبيائه في بعض وحيه إليه : وعزتي وجلالي ، لأقطعن أمل كل مؤمل أمّل غيري بالأياس ، ولاكسونّه ثوب المذلة في النار (٢) ، ولأبعدنّه من فرجي وفضلي ، أيؤمل عبدي في الشدائد غيري ، والشدائد بيدي! أو يرجو سواي ، وأنا الغني الجواد! بيدي مفاتيح الأبواب وهي مغلقة ، وبابي لآملي مفتوح لمن دعاني.
ألم يعلموا إن من دهته نائبة لم يملك كشفها عنه غيري ، فمالي أراه بأمله معرضاًعني! وقد أعطيته بجودي وكرمي مالم يسألني ، فأعرض عني ولم يسألني ، وسأل في نائبته غيري ، وأنا الله ابتدئ بالعطية قبل المسألة ، أفأسأل فلا أجود! كلا ، أوليس الجود والكرم لي! أو ليس الدنيا والاخرة بيدي! فلو أن سبع سماوات وأرضين سألوني جميعاً ، فأعطيت كل واحد منه مسألته! ما نقص ذلك من ملكي مثل جناح بعوضة ، وكيف ينقص ملك أنا قيّمه! فيابؤس لمن عصاني ولم يراقبني ».
فقلت له : يا ابن رسول الله ، أعد عليّ هذا الحديث ، فأعاده ثلاثاً ، فقلت : لا
__________________
١ ـ أمالي الطوسي ٢ : ١٩٤ ، تنبيه ألخواطر ٢ : ٧٣.
٢ ـ في أمالي الطوسي : الناس.