وصية لقمان لولده
قال له : يا بني ، أقم الصلاة ، فإنما مثلها في دين الله كمثل عمود الفسطاط ، فإن العمود استقام نفعت الأطناب والأوتاد والظلال ، وإن لم يستقم لم ينفع وتد ولاطنب ولا ظلال.
أي بني ، صاحب العلماء ، وجالسهم وزُرهم في بيوتهم ، لعلك أن تشبههم فتكون منهم.
إعلم يا بني ، إني قد ذقت الصبر وأنواع المر ، فلم أجد أمرّ من الفقر ، فإذا افتقرت يوماً فاجعل فقرك بينك وبين الله ، ولا تحدث الناس بفقرك فتهون عليهم ، ثمسل في الناس : هل من أحد وثق بالله فلم ينجه!؟
يا بني ، توكل على الله ، ثم سل في الناس : من ذا الذي توكل على الله فلم يكفه!؟
يا بني ، أحسن الظن بالله ، ثم سل في الناس : من ذا الذي أحسن الظن بالله فلم يكن عند حسن ظنه به!؟
يا بني ، من يرد رضوان الله يسخط نفسه كثيراً ، ومن لا يسخط نفسه لا يرضي ربه ، ومن لا يكظم غيضه يشمت عدوه.
يا بني ، تعلّم الحكمة تشرف بها ، فإن الحكمة تدلّ على الدّين ، وتشرّف العبد على الحر ، وترفع المسكين على الغنيّ ، وتقدم الصغير على الكبير ، وتجلس المسكين مجالس الملوك ، وتزيد الشريف (١) شرفاً ، والسيد سؤوداً ، والغني مجداً ، وكيف يظن ابن آدم أن يتهيّأ له أمر دينه ومعيشته بغير حكمة؟ ولن يهيّىء (٢) الله عز وجل أمر الدنيا والآخرة إلا بالحكمة ، ومثل الحكمة بغير طاعة مثل الجسد بغير نفس ، ومثل الصعيد بغير ماء ، ولا صلاح للجسد بغير نفس ، ولا للصعيد بغير ماء ، ولا للحكمة بغير طاعة (٣).
قال كعب الأحبار : مكتوب في التوراة :
__________________
١ ـ في الأصل : الشرف ، وما أثبتناه من البحار.
٢ ـ في الأصل : يهنى ، وما أثبتناه من البحار.
٣ ـ رواه الكراجكي في كنز الفوائد : ٢١٤ ، وأخرجه المجلسي في البحار ٧٨ : ٤٥٨ / ٢٧ عن أعلام الدين.