ذلك (١).
وكان أمير ـ المؤمنين عليهالسلام إذا أخذ في الوضوء يتغير وجهه من خيفة الله تعالى ، وكانت سيدتنا فاطمة عليهاالسلام تنهج (٢) في صلاتها من خشية الله تعالى (٣)
وروي عن النبي صلىاللهعليهوآله قرأ عليه أُبيّ سورة النساء ، فلما وصل إلى قوله تعالى : ( فكيف إذا جئنا من كل اُمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيداً ) (٤) فبكى النبي صلىاللهعليهوآله .
فأنظروا أيها الناس إلى الشهيد كيف يبكي ، والمشهود عليهم يضحكون!؟ وأنظروا الى الخليل والحبيب والصفيّ والصديقة الطاهرة ، كيف يخافون هذا الخوف العظيم ، وهم الشهداء والشفعاء!؟ ومن يستشفع بهم ويرجو النجاة غداً بحبهم كيف هوآمن لاهٍ! كأنه لم يسمع الله تعالى يقول ( أفمن هذا الحديث تعجبون * وتضحكون ولا تبكون * وأنتم سامدون ) (٥) وقال أهل التفسير : السامد هو اللاهي ، وقيل : الضاحك ، وقيل : الساكت.
فتيقظوا ـ عباد الله ـ من الغفلة ، وحاسبوا أنفسكم على الصغيرة والكبيرة ، كما قال أمير المؤمنين عليهالسلام :
إن الله تعالى يسائلكم ـ معشر عباده ـ عن الصغيرة من أعمالكم والكبيرة ، والظاهرة والمستورة ، فإن يعذب فأنتم أظلم ، وإن يعفو فهو أكرم.
وأعلموا ـ عباد الله ـ أن المتقين ذهبوا بعاجل الدنيا وآجل الآخرة ، فشاركوا أهل الدنيا في دنياهم ، ولم يشاركهم أهل الدنيا ، في آخرتهم ، سكنوا الدنيا بأفضل ما سُكنت ، وأكلوها بأفضل ما اُكلت ، فحفظوا في الدنيا بما حظي المترفون ، وأخذوا ما أخذه الجبابرة المتكبرون ، ثم انقلبوا عنها بالزاد المبلغ ، والمتجر الرابح ، اصابوا لذة زهد الدنيا في دنياهم ، وتيقنوا أنهم جيران الله غداً في آخرتهم ، لا ترد لهم دعوة ، ولا ينقصلهم نصيب من لذة.
__________________
١ ـ عدة الداعي : ١٣٨.
٢ ـ النهيج : تتابع النفس ، اُنظر « لسان العرب ـ نهج ـ ٢ : ٣٨٣ ».
٣ ـ عدة الداعي ١٣٨.
٤ ـ النساء ٤ : ٤١.
٥ ـ النجم ٥٣ : ٥٩ ـ ٦١.