عليهما ، وقال سبحانه : ( وأمّا من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى * فإن الجنة هي المأوى) (١) وقال سبحانه : ( إنما يخشى الله من عباده العلماءُ ) (٢) والآيات في ذلك كثيرة يعرفها من يتلوها ، ولكن لا يتدبّرونها كما قال سبحانه وتعالى ( افلا يتدبرون القرآن ) (٣) فلو تدبّروها لما ركبوا الطمع وسموه رجاءً.
ولقد أحسن مولانا أمير المؤمنين عليهالسلام في قوله : « يدعي بزعمه أنه يرجوا الله ، كذب والعظيم ، فما باله لا يتبين رجاؤه في عمله! فكل من رجا تبين رجاؤه في عمله ، إلاّرجاء الله فإنه مدخول ، وكل خوف محقق إلا خوف الله فإنه معلول ، يرجو الله في الكبير ، ويرجو العباد في الصغير ، فيعطي العبد ما لا يعطي الرب ، فما بال الله جل جلاله يُقصرُ به عما يُصنع بعباده!؟ أتخاف أن تكون له في رجائك كاذباً ، أولا تراه للرجاء موضعاً ، وكذلك إن هو خاف عبداً من عبيده أعطاه من خوفه ما لا يعطي ربه ، فجعل خوفه من العباد نقداً ، وجعل خوفه من خالقه وربه ضماراً (٤) ووعداً وكذلك من عظمت الدنيا في عينه ، وعظم موقعها من قلبه ، آثرها على الله ، وانقطع إليها ، وصار عبداً لها (٥) ولمن في يديه شيء منها ، ثم إنهم ركبوا الغرة وظنوا أنهم خائفون ، وما حملهم على ذلك إلاّ لجهلهم بحقيقة الخوف ».
وقد فصله مولانا أمير المؤمنين عليهالسلام في قوله : « إن استطعتم أن يحسن ظنكم بالله ، ويشتد خوفكم منه ، فاجمعوا بينهما ، فإنما يكون حسن الظن العبد بربه على قدر خوفه منه ، وإن أحسن الناس بالله ظناً أشدهم منه خوفاً » (٦).
وقد روي أن أبراهيم عليهالسلام كان يُسمع تأوهه على حد ميل ، حتى مدحه الله تعالى بقوله : ( إن أبراهيم لحليم أوّاه منيب ) (٧) وكان في صلاته يسمع من صدره أزيزكأزيز المرجل ، وكذلك كان يسمع من صدر سيدنا رسول الله صلىاللهعليهوآله مثل
__________________
١ ـ النازعات ٧٩ : ٤٠ ، ٤١.
٢ ـ فاطر ٣٥ : ٢٨.
٣ ـ النساء ٤ : ٨٢.
٤ ـ الضمار : ككتاب ، من المال الذي لا يرجى رجوعه ، ومن العدات ما كان ذا تسويف وخلاف العيان ، ومن الدين ما كان بلا أجل « القاموس المحيط ـ ضمر ـ ٢ : ٧٦ ».
٥ ـ نهج البلاغة ١ : ٧١ / ١٥٥.
٦ ـ عدة الداعي : ١٣٧.
٧ ـ هود ١١ : ٧٥.