عليه بآياته ودلالاته ، فالعقول تثبته ، وقلوب المؤمنين مطمئنة به غير شاكة فيه ولا منكرة له.
واني لأعجب ممن يستدل بصفات المخلوق على صفة الخالق ، وكيف يصح الاستدلال بصفات من له مثل ، على صفات من لا مثل له ولا نظير!؟
واللهّ تعالى يصدق هذا القول بقوله تعالى : ( ليس كمثله شيء ) (١)
واعلم أن حقيقة المعرفة عقد الضميرفي القلب ، بإخراج ذات اللّه عن كل موهوم ومهجوس ومحسوس ، وطرق الحق واضحة ، وعلاماته لائحة ، وعيون القلوب مفتوحة ، ولكن أعماها غشاوة الهوى ، وضعف البصائر ، وجماد القرائح ، وترك الطلب ، ولو استشعروا الخوف قوموا به العوج ، وسلكوا الطريق الابلج.
ودواء القلوب وجلاؤها في خمسة أشياء : قراءة القرآن المجيد بالتدبر ، وخلاء البطن ، وقيام الليل ، والتضرع في السحر ، ومجالسة الصالحين. وأعظم مقامات العارفين : القيام بالأوامر ، والثقة بالمضمون ، ومراعاة الأسرار بالسلامة ، والتخلي من الدنيا ، فإذا حصلت هذه الصفات ، ضاقت على صاحبها الأرض بما رحبت ، كما قال اللّه : ( ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم ) (٢) ومن ألزم نفسه آداب الكتاب ، وسنة نبينا محمد صلىاللهعليهوآله ، وسنن الأئمة من أهل بيته عليهمالسلام ، نور اللّه قلبه بنور الايمان ، ومكن له بالبرهان ، وجعل على وجهه وأفعاله شاهد الحق. ولا مقام أشرف من متابعة اللّه الحبيب واحبائه من أنبيائه ، وائمته من أوليائه ، في أوامرهم ونواهيهم ، ومن ادعى المحبة لهم وهو على خلاف ذلك ، فانما يستهزىء بنفسه ويغمزها.
* * *
__________________
١ ـ الشورى ٤٢ : ١١.
٢ ـ التوبة ٩ : ١١٨.