وإنّ الله تعالى يتعاهد عبده المؤمن بالبلاء ، كما يتعاهد الرجل أهله بالهديّة ، ويحميه الدنيا كما يحمي الطبيب المريض (١).
وإنّ لله عباداً من خلقه ، ما من بلية (٢) أوتقتير في الرزق إلاّ ساقه إليهم ، ولاعافيه أو سعة في الرزق إلا صرف عنهم. ولو أنّ نور أحدهم قُسّم بين أهل الأرض لاكتفوا به (٣).
وإنّه ليذود المؤمن عمّا يكره ، كما يذود الرجل البعير الأجرب عن إبله (٤).
ما من مؤمن تمرّ عليه أربعون ليلة ، إلاّ تعاهده الرب بوجع في بدنه ، أو ذهاب مال. ولا بدّله من ثلاث ـ وربما اجتمعت له ـ : أن يكون معه في داره من يؤذيه [ أو جار يؤذيه ، أو من في طريقه إلى حوائجه [ يؤذيه ] ولوأن مؤمناً على قلة جبل لبعث الله شيطاناً يؤذيه ] (٥) ، ويجعل الله له من إيمانه أنساً » (٦)
وقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : « يقول الله تعالى : يا دنيا موري (٧) على عبدي المؤمن بأنواع البلاء ، وضيقي عليه في معيشته ، ولا تحلولي له فيسكن إليك » (٨).
وقال أبو الصباح (٩) : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : ما أصاب المؤمن من بلاء ، أفبذنب؟
قال : « لا ، ولكن ليسمع أنينه وشكواه ودعاءه ، ليكتب له الحسنات ، ويحط عنه السيئات (١٠).
وإن الله ليعتذر إلى عبده المؤمن كما يعتذر الأخ إلى أخيه ، فيقول : لا ـ وعزتي ـ ما أفقرتك لهوانك عليّ ، فارفع هذا الغطاء ، فيكشف فينظر ما عَوّضه فيقول : ما
__________________
١ ـ المؤمن : ٢١ / ذيل ٢١ ، وفيه عن أبي جعفر عليهالسلام.
٢ ـ في المصدر زيادة : تنزل من السماء.
٣ ـ المؤمن : ٢٢ / ٢٣.
٤ ـ المؤمن : ٢٢ / ٢٥.
٥ ـ ما بين المعقوفين أثبتناه من المصدر.
٦ ـ النص الموجود في المتن ملفق من عدة أحاديث من كتاب المؤمن : ٢٢ / ٢٦ ، ٢٧ و ٢٣ / ٢٨ ، ٢٩.
٧ ـ يقال : مار الشيء يمور موراً ، إذا جاء وذهب ، « النهاية ـ مور ـ ٤ : ٣٧١ ».
٨ ـ المؤمن : ٢٤ / ٣٣.
٩ ـ في المصدر : عن الصبات بن سيابة ، والظاهر هو الصواب.
١٠ ـ المؤمن : ٢٤ / ٣٤ ، باختلاف يسير.