الصّادق والتّقليد وعلم الغيب منتف عنه والعهد ليس الّا بالبيعة مع علىّ (ع) وهو ينكر ذلك (كَلَّا سَنَكْتُبُ ما يَقُولُ) لنجزيه عليه فانّه افتراء واستهزاء (وَنَمُدُّ لَهُ) عوض ما تصوّره من المال والولد (مِنَ الْعَذابِ مَدًّا وَنَرِثُهُ ما يَقُولُ) يعنى المال والولد الّذى يدّعى انّه يؤتى في الآخرة منهما بان نهلكه ونأخذ ما كان له في الدّنيا من المال والولد (وَيَأْتِينا) يوم القيامة (فَرْداً) ممّا له في الدّنيا فلا يكون له ما كان له في الدّنيا ولا يحصل له ما يدّعيه في الآخرة (وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ آلِهَةً) عطف على قال لاوتينّ أو على كفر بآياتنا ، وجمع ضميره باعتبار المعنى فانّ المراد من الّذى كفر هو الجنس لا الفرد المخصوص (لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا) اى ليكون الآلهة للّذين كفروا سبب عزّ فانّ العزّ والعزّة بكسرهما والعزازة بالفتح مصدر عزّ بمعنى صار عزيزا ، أو ليكون الكفّار لأجل الآلهة اعزّاء (كَلَّا) ردع لهم عن هذا الزّعم (سَيَكْفُرُونَ) اى الآلهة أو الكفّار (بِعِبادَتِهِمْ) والضّمير المضاف اليه يحتمل الوجهين على كلّ من الوجهين (وَيَكُونُونَ) اى الآلهة أو الكفّار (عَلَيْهِمْ) اى على الكفّار أو على الآلهة (ضِدًّا) ولمّا كان المنظور من كلّ منظور هو الولاية والوفاق والخلاف معها كان المراد انّ الكافرين بالولاية اتّخذوا مطاعين من دون علىّ (ع) ليكونوا لهم عزّا ، كلّا سيكفرون بطاعتهم لهم ويكونون عليهم ضدّا ، حين ما يرونهم في الأعراف أو في القيامة أو في النّار أو حال الاحتضار أذلّاء مردودين ويرون عليّا (ع) في أعلى مراتب العزّ وقد أشير اليه في الخبر ، ولمّا كان الرّسول (ص) متحزّنا عليهم وعلى انحرافهم وكأنّه عزم على الدّعاء عليهم قال تعالى تسلية له (ص) وتبطئة عن الدّعاء (أَلَمْ تَرَ) برؤيتك الباطنيّة (أَنَّا) لا غيرنا (أَرْسَلْنَا الشَّياطِينَ عَلَى الْكافِرِينَ) فاذا ترى انّا أرسلنا الشّياطين فما لك تتحسّر أو تعجّل بالعذاب (تَؤُزُّهُمْ أَزًّا) ازّت القدر من باب نصر وضرب اشتدّ غليانها ، وازّت السّحابة صوّتت من بعيد ، وازّ النّار أوقدها ، والشّيء حرّكه شديدا ، والازّ ضربان العروق ، فاذا ترى انّا أرسلنا الشّياطين عليهم (فَلا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ) بالعذاب (إِنَّما نَعُدُّ لَهُمْ) الايّام أو الأنفاس (عَدًّا) ويقال : هذه الكلمة حين يراد الاشارة الى قلّة الايّام وفي الخبر انّما هو عدّ الأنفاس والّا فالآباء والامّهات يعدّون الايّام أو المراد انّا نعدّ أعمالهم عدّا (يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمنِ وَفْداً) وعلى هذا فيوم نحشر المتّقين ظرف لنعدّ ، ويجوز ان يكون ظرفا لقوله لا يملكون أو يكون مفعولا لا ذكر مقدّرا.
اعلم ، انّ التّقوى الحقيقيّة لا تحصل الّا بالولاية ومن تولّى عليّا كان تقيّا استشعر بتقواه أم لا ، ويوم الأعراف الّذى هو آخر البرازخ يحشر شيعة علىّ (ع) الى مقاماتهم الاخرويّة ونعيمهم وأزواجهم على ما نقل في الاخبار من التّفاصيل واختيار اسم الرّحمن ، لانّ شيعة علىّ (ع) إذا وصل الى الأعراف لم يبق عليه شيء من أوصاف النّفس ويطهّر من كلّ ما ينبغي ان يطهّر عنه من نسبة الأفعال والصّفات الى نفسه بل من نسبة الانانيّة الى نفسه ويحصل له الفناء التّامّ الّذى هو آخر مقامات التّقوى ، وبعد الفناء التّامّ لا يكون بقاء الّا ببقاء الله وبعد البقاء يصير الباقي مبقيا لأهل عالمه ومملكته وهذا الإبقاء هو الرّجعة في العالم الصّغير وهو أنموذج رحمة الله الرّحمانيّة وبهذا الاعتبار قال : نحشرهم الى الرّحمن وبحسب السّلوك إذا تمّ السّفر الثّانى للسّالك وانتهى تقواه الى الفناء الذّاتىّ وسار بالحقّ في الحقّ ان أدركته العناية الإلهيّة وابقته بعد فنائه يصير السّالك أيضا باقيا ببقاء الله ومبقيا لأهل مملكته وأهل الملك الكبير ويصير عادلا بعدل الله ومعطيا لكلّ حقّه وهذا من خواصّ اسم الرّحمن ولهذا قال : نحشر المتّقين الى الرّحمن ، ووفدا جمع مثل ركب وصحب حال من المتّقين ، أو مصدر بمعنى الجمع الوصفىّ وحال أو مصدر