المذكّر والمؤنّث والواحد والأكثر في فعول بمعنى الفاعل وفعيل بمعنى المفعول ، أو للاشارة الى انّه رسالة واحدة والرّسول واحد منهما والآخر معين له (أَنْ أَرْسِلْ) ان تفسيريّة أو مصدريّة بتقدير الباء (مَعَنا بَنِي إِسْرائِيلَ) يعنى أطلق من الحبس من كان محبوسا بأمرك ومن الاستعباد من تستعبدونه (قالَ) مستأنف جواب لسؤال مقدّر كأنّه قيل : فما فعلوا بعد ذلك؟ ـ فقال : ذهب موسى (ع) الى مصر واجتمع مع هارون وجاءا معا الى فرعون فقالا له : انّا رسول ربّ العالمين أرسلنا إليك ان تخلّى عن بنى إسرائيل وترسلهم معنا الى الشّام قال فرعون في جوابهما خطابا لموسى (ع) الّذى كان في حضنه مدّة مديدة (أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينا وَلِيداً) حملا له على الإقرار حتّى يخجل عن تلك الدّعوى ويرتدع عن ذلك الادّعاء (وَلَبِثْتَ فِينا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ) ولم تكن تختلف الى عالم أو حكيم وما كنت ترتاض بالمجاهدات والعبادات والرّياضات فكيف صرت رسولا من الله الّذى لا يراه أحد؟! ولا يعلم به عالم؟! وكنت ما دمت فينا سفّاكا وقتلت نفسا محرّمة فانّ قوله (وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ) كناية عن ذلك (وَأَنْتَ مِنَ الْكافِرِينَ) بنعمتي يعنى كنت في ذلك القتل بسبب القتل وأنت في هذا اليوم بسبب عدم حفظ حرمتي وحقّ خدمتي من الكافرين بنعمتي فكيف تكون رسولا ممّن ادّعيت الرّسالة وادّعيت انّه خالق السّماوات والأرضين ولمّا رأى انّ قتل النّفس ممّا لا يمكنه إنكاره أقرّ به و (قالَ فَعَلْتُها إِذاً) ولكن لم أكن بكافر كما نسبت الىّ لانّى كنت موحّدا لله وعارفا لنعمه وشاكرا له وقتلته باستحقاقه (وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ) اى ضللت طريقي الّتى كنت أريد السّلوك عليها فوقعت عليه أو كنت ضالّا طريق التّوحيد طالبا له ، أو كنت ضالّا عن طريق حسن التّدبير مع الأعداء وهو المداراة معهم (فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ) بسبب ضلالي عن طريق المداراة وقتلى القبطىّ (لَمَّا خِفْتُكُمْ) على نفسي لما وصل الىّ انّ الملأ يأتمرون بى (فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْماً) من غير كسب لي ومعاناة في طلبه (وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ) بمحض فضله من غير عمل لي فيه ، ولمّا ذكر فرعون بعد ادّعاء موسى (ع) الرّسالة من الله ثلاثة أشياء مانعة من رسالته بترتيب الأضعف فالأقوى أجاب موسى (ع) من الثّلاثة بترتيب الأقوى فالاضعف ، فانّه ذكر اوّلا كونه مربّى لهم والمربّى لا يجوز ان يكون حاكما على المربّى ، وثانيا لبثه فيهم مدّة مديدة من عمره من غير كسب للكمالات الانسانيّة المقتضية للرّسالة المستلزمة لجميع الكمالات الكسبيّة باعتقادهم ، وثالثا قتل النّفس المحترمة المنافى للرّسالة من الله من حيث الظّاهر والباطن فانّ الرّسول من الله ينبغي ان يكون بحيث يرغب فيه كلّ أحد والسّفّاك لا يرغب فيه أكثر النّاس ، وينبغي ان يكون مطهّرا من جميع ما يكون شيئا على الإنسان حتّى يستحقّ القرب من الله والرّسالة منه بحسب الباطن ، فأجاب اوّلا بالاعتراف بالفعلة ونفى الكفر المنافى للرّسالة في تلك الفعلة وإثبات الضّلالة الّتى لا تنافي طلب الكمالات الانسانيّة وحصول الرّسالة بل تكون من مقدّمات طلب الكمالات فانّه ما لم يعلم الإنسان ضلاله لم يطلب هداه ، وثانيا عن ثانى ايراداته بانّ الرّسالة موهبة من الله وليست بكسب الإنسان حتّى ينافيها لبثى فيكم من غير كسبي للعلوم العقليّة والشّرعيّة ، وأجاب ثالثا عن اوّل ايراداته بانّ تربيتك لم تكن إحسانا الىّ بل كانت إساءة لي لانّك ما ربّيتنى بتجشّم من نفسك بل باستعباد قومي في خدمتي ، أو باستعباد قومي في تحصيل الخدم والحشم والدّولة ، أو باستعباد قومي وقتل أولادهم حتّى خافوا منك وخافت أمّي فألقتنى في النّيل فوقعت في يدك ، أو باستعباد قومي حتّى استعبدت أمّي لخدمتى ، أو أجاب بالإقرار بكون التّربية نعمة ثمّ استدرك توهّم كونها إحسانا بكونها إساءة فقال أو (وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّها عَلَيَّ أَنْ عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرائِيلَ) فجعل الجملة استفهاميّة بحذف همزة الاستفهام أو خبريّة بدون تقدير الاستفهام وتلك اشارة الى التّربية أو الى عبادة بنى إسرائيل أو الى تعبيدتهم ونعمة خبر تلك وان عبّدت بدلا من تلك أو خبرا