عَظِيمٍ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ) ولمّا ذكر قصص الأنبياء الماضين وهلاك اقوامهم لتكذيبهم ليكون تسلية للرّسول (ص) وتهديدا لقومه المكذّبين ذكر القرآن أو قرآن ولاية علىّ (ع) وأمارات صدقه ليكون أقرب الى القبول والإنذار وقال (وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعالَمِينَ) عطف على السّابق باعتبار المعنى كأنّه قال : وانّ شعيبا لمن المرسلين وانّك لمن المرسلين وانّ القرآن أو قرآن ولاية علىّ (ع) لتنزيل ربّ العالمين (نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ) يعنى جبرئيل فانّه من جملة الأرواح وأمين على امر الله (عَلى قَلْبِكَ) اى صدرك أو قلبك الحقيقىّ المقابل للصّدر والنّفس فانّ الولاية في القلب كما انّ الرّسالة وأحكامها وكتبها في الصّدر (لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ) اى من الرّسل الّذين شأنهم الإنذار لا من المبشّرين فقط فانّ البشارة المنفكّة عن الإنذار شأن الولاية المنفكّة عن الرّسالة ، أتى بالغاية قبل تمام المغيّى للاشعار بانّ الإنذار انّما هو بنفس القرآن أو الولاية لا بكونه بلسان عربيّ ، هذا على تقدير كون قوله تعالى (بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ) متعلّقا بقوله نزل وامّا إذا كان متعلّقا بكونه من المنذرين فكان من أجزاء الغاية لا المغيّى ، والمراد باللّسان العربىّ هو لغة العرب مجازا فانّ استعمال اللّسان في القول كثير والمراد بالمبين الفصيح الظّاهر الكلمات والحروف ، أو الظّاهر المعاني والواضح المقاصد ، أو المبيّن للمقاصد ، أو المبيّن للالسن فانّه كما في الخبر يبيّن الألسن ولا تبيّنه الألسن فانّ لغة العرب لسعتها وسعة التّصرّف في هيآت كلماتها تبيّن جميع اللّغات بمحض التّصرّف في هيآت كلماتها وليست تلك السّعة في سائر اللّغات فلا يبيّن سائر اللّغات بدون التّقييدات لكلماتها لغة العرب فانّ الضّرب بتصريفاته في هيآته يدلّ على عدّة معان متخالفة لا يمكن تبيينها بسائر اللّغات الّا بضمّ قيوداته عديدة فانّ الضّرب يفيد معناه المصدرىّ وهيئة ضرب يفيد المعنى المصدرىّ مع زمانه ونسبته وفاعله وذكورة فاعله ووحدته وهكذا سائر متصرّفاته وليس سائر اللّغات كذلك فهو يبيّن الألسن بهيآت كلماته ولا تبيّنه الألسن الّا بضمائم وقيودات لكلماتها (وَإِنَّهُ) اى القرآن بأوصافه أو بمعانيه أو قرآن ولاية علىّ (ع) (لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ) اى كتبهم (أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ) اى القرآن بأوصافه أو بمعانيه واحكامه أو قرآن ولاية علىّ (ع) (عُلَماءُ بَنِي إِسْرائِيلَ) فانّ أنبياء بنى إسرائيل اثبتوا في كتبهم وأخبروا أممهم بمجيء محمّد (ص) وكتابه ووصاية وصيّه الّذى هو ابن عمّه وصهره وخليفته فانّ العلماء كانوا يخبرون بأنّه مكتوب في كتبهم ويبشّرون بمجيئه ، وكانت اليهود يستفتحون بمحمّد (ص) وأوصيائه (ع) على أعدائهم ، وقد ورد في اخبار عديدة انّ الآيات في ولاية علىّ (ع) ، وفي خبر : انّ ولاية علىّ (ع) مكتوبة في جميع صحف الأنبياء ولم يبعث الله رسولا الّا بنبوّة محمّد (ص) وولاية وصيّه علىّ بن ابى طالب (ع) (وَلَوْ نَزَّلْناهُ) اى القرآن أو قرآن ولاية علىّ (ع) (عَلى بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ) الّذين لا يفصحون عن الكلمات أو الّذين هم غير العرب أو سائر افراد الحيوان العجم (فَقَرَأَهُ عَلَيْهِمْ ماكانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ) لعدم إفصاحه عن الكلمات والمقاصد لانّهم بعد إنزالنا القرآن عليك مع افصاحك عن كلماته ومقاصده ما آمنوا فلو أنزلناه على ذي لكنة بلسانه كان عدم الايمان كالسّجيّة لهم ، وللاشارة الى هذا المعنى قال ما كانوا به مؤمنين بتخلّل كان لعدم إفصاحه ، أو له وللعناد مع علىّ (ع) ، أو المعنى لو أنزلناه على عجمىّ ما كانوا ليؤمنوا للحميّة الّتى كانت لهم مع العجم ، أو له وللعناد مع علىّ (ع) ، أو المعنى لو أنزلناه على حيوان غير ناطق فنطق به اعجازا منّا ما كانوا ليؤمنوا به مع انّه يكون دليل صدقه حينئذ معه لشدّة بعدهم ونفرتهم من الحقّ ، أو لها ولشدّة عنادهم مع علىّ (ع) ، روى عن الصّادق (ع) لو نزّلنا القرآن على العجم ما آمنت به العرب وقد نزل على العرب فآمنت به العجم فهذه في فضيلة العجم (كَذلِكَ) اى مثل سلوك الكفر في قلوب هؤلاء (سَلَكْناهُ) اى الكفر (فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ)