التّفسير والتّفسير الاوّل ورد : انّ فرح المؤمنين بنصر الله يكون عند قيام القائم عجّل الله فرجه ، وفي خبر : فرح المؤمنون في قبورهم بقيام القائم (ع) ومعنى قوله تعالى لله الأمر من قبل انّه لا يخرج الأمر من قدرته من قبل غلبتهم ومن بعد غلبتهم ، أو من قبل ان يقضى ومن بعد ان يقضى ، فانّه يتصرّف فيه متى لم يمضه باىّ نحو شاء فيكون اشارة الى جواز البداء (وَيَوْمَئِذٍ) يوم غلبة الرّوم ، أو مغلوبيّة فارس بالمسلمين أو مغلوبيّة بنى أميّة أو مغلوبيّة جنود الجهل واهوية النّفس بظهور القائم (ع) (يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشاءُ) فلا اختصاص بنصره بالمؤمن بل ينصر المؤمن تارة والكافر اخرى لكنّ المنظور من نصرهما صلاح المؤمن وإصلاحه (وَهُوَ الْعَزِيزُ) الغالب الّذى لا يدفع عن مراده (الرَّحِيمُ) الّذى لا يفعل ما يفعل الّا برحمته ، وصيرورة الرّحمة في بعض القوابل غضبا وعذابا انّما هو من قبل القابل (وَعْدَ اللهِ) اى وعد الله نصرهم وفرح المؤمنين وعدا (لا يُخْلِفُ اللهُ وَعْدَهُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) عدم خلف وعده ، أو نصره للمؤمنين ، أو نصره لمن يشاء ، أو كيفيّة وعده ، أو كيفيّة نصره ، ولذلك لا يرون من النّصر الّا الغلبة في الظّاهر دون الغلبة في الباطن ولذلك قال (يَعْلَمُونَ ظاهِراً مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا) أو المعنى أكثر النّاس لا علم لهم فانّ العلم هو الإدراك الاخروىّ الّذى يكون في الاشتداد الى جهة الآخرة وصاحب هذا الإدراك قليل وأكثر النّاس ادراكهم مقصور على ما يعينهم في حيوتهم الدّنيويّة دون الحيوة الاخرويّة أو لم يكن ادراكهم للأمور الاخرويّة في الاشتداد الى جهة الآخرة بل كان مصروفا عن جهة الآخرة الى جهة الدّنيا ولذلك قال تعالى : (يَعْلَمُونَ ظاهِراً مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا) ، ولفظة من بيانيّة أو ابتدائيّة أو تبعيضيّة اى يعلمون امرا ظاهرا يدركه المدارك الظّاهرة الحيوانيّة وهو عبارة عن الحيوة الدّنيا ولوازم بقائها أو أمرا ظاهرا هي الآثار النّاشئة من الحيوة الدّنيا من مقتضياتها وملائماتها ومنافراتها ، أو أمرا هو بعض من الحيوة الدّنيا وقد عدّ في الاخبار مثل علم النّجوم من جملة ذلك ، ونعم ما قيل :
مرغ جانش موش شد سوراخ جو |
|
چون شنيد از گربگان أو عرّجوا |
زان سبب جانش وطن ديد وقرار |
|
اندر اين سوراخ دنيا موش وار |
هم در اين سوراخ بنّائى گرفت |
|
در خور سوراخ دانائى گرفت |
پيشه هائى كه مر أو را در مزيد |
|
اندر اين سوراخ كار آيد گزيد |
زانكه دل بركند از بيرون شدن |
|
بسته شد راه رهيدن از بدن |
(وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ) الّتى هي باطن الحيوة الدّنيا وجهة غيبها وبعض منها (هُمْ غافِلُونَ) الإتيان بضمير الفصل لتأكيد الحكم وللاشعار بالحصر ، واستعمال الغفلة دون الجهل وأمثاله للاشعار بانّ الآخرة معلومة لكلّ أحد بل مشهودة لهم في النّوم حين الرّؤيا خصوصا عند الرّؤيا الصّادقة بل في اليقظة بالآثار الدّالّة على وجودها من التّقليبات والدّوائر الّتى تكون في العالم الكبير وفي العالم الصّغير ، وعدم النّظر والتّوجّه إليها ليس الّا محض الغفلة عنها لا للجهل بها ، وقد مضى في الفصل الاوّل والثّانى والثّالث في اوّل الكتاب وعند قوله تعالى : (لَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَراهُ ما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ) ، من سورة البقرة تحقيق وتفصيل للعلم والفرق بينه وبين الجهل المشابه للعلم ، من أراد فليرجع إليها (أَ) لم يرجعوا الى مداركهم الباطنة (وَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ) في حقّ أنفسهم حتّى يجدوا انّ فيها سماء وأرضا يعنى روحا وجسدا وانّ حيوة الجسد الّتى هي الحيوة الدّنيا ليست الّا بالحيوة الرّوحيّة الّتى هي الحيوة الاخرويّة حتّى يعلموا الآخرة ولا يكونوا غافلين عنها ، أو المعنى أو لم يتفكّروا عند أنفسهم حتّى يعلموا (ما خَلَقَ اللهُ السَّماواتِ) اى سماوات الأرواح (وَالْأَرْضَ) اى ارض الأشباح (وَما بَيْنَهُما إِلَّا بِالْحَقِ) الّذى هو حقيقة الحيوة الدّنيا والآخرة