ووجدان آثار المعلوم والالتذاذ بالعلم وفوقه مقام الشّهود والعيان في ادراك المعلوم وهو خاصّ بالأنبياء والأولياء (ع) وفوقه مقام التّحقّق بالمعلوم وهو مقام بعض الأنبياء والأولياء (ع) (وَمِنْ آياتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّماءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ) لا بآلة ومقيم اى السّماء والأرض في العالم الصّغير والعالم الكبير (ثُمَّ إِذا دَعاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ) عطف على ان تقوم بتأويل مفرد اى ثمّ خروجكم من الأرض إذا دعاكم دعوة من الأرض (إِذا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ) أو هو عطف على مجموع من آياته ان تقوم السّماء عطف الجملة ولم يكن حينئذ من جملة آياته ولم يقل هاهنا انّ في ذلك لآيات لقوم كذا لانّ هذه الآيات خاصّة بالمشاهدين ، وليس للعالمين الغير المشاهدين فيها حقّ ونصيب والمشاهد من حيث انّه مشاهد من صقع الله لا من جانب الخلق والله تعالى لا حاجة له الى آية فلم يقل : انّ في ذلك لآيات للمشاهدين وهذه هي الآيات العليا وليست الّا للصّنف الأعلى من الإنسان ، وقد سلف الاشارة الى انّ كلّما كانت آية للصّنف الأدنى فهي آية للصّنف الأعلى أيضا من دون عكس وقد سبق الآية في سورة النّحل مع بعض الإشارات والنّكات (وَلَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) اى السّماوات والأرض ومن فيهما يعنى ليس فيهما أحد يكون شريكا له تعالى (كُلٌّ لَهُ قانِتُونَ) خاضعون منقادون وليسوا مقابلين له كما يقول الثّنويّة بالنّور والظّلمة أو بيزدان واهريمن فلا ندّ له ولا ضدّ (وَهُوَ الَّذِي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ) لا غيره كما يقول الثّنويّة والابليسيّة انّ اهريمن مبدأ الشّرور (ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ) اى الاعادة أسهل على الله بالقياس الى قدركم وأصولكم والّا فليس شيء عليه أصعب من شيء ، أو الضّمير المجرور راجع الى الخلق ، ومعنى كون الاعادة أسهل كونها غير محتاجة الى مادّة وآلة وتربية لحصول مادّته واقتضاء فطرته الصّعود الى أصله بخلاف الإبداء فانّه محتاج الى تهيّة مادّة وتربية العلويّات وحافظيّة الارضيّات وايتلاف المتخالفات ومزجها وكسر سورتها ، وقيل : الأهون منسلخ عن معنى التّفضيل (وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلى) اى الصّفات العليا (فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) عن الصّادق (ع) : ولله المثل الأعلى الّذى لا يشبهه شيء ولا يوصف ولا يتوهّم فذلك المثل الأعلى ، أو المقصود ولله المشابه الأعلى في السّماوات من أرباب الأنواع والعقول وفي الأرض من الأنبياء والأولياء (ع) روى عن الرّضا (ع) انّه قال ، قال النّبىّ (ص) لعلىّ (ع) : وأنت المثل الأعلى ، وفي خبر : نحن كلمة التّقوى وسبيل الهدى والمثل الأعلى (وَهُوَ الْعَزِيزُ) الّذى لا يغلب (الْحَكِيمُ) الّذى لا يفعل ما يفعل الّا لحكم ومصالح وغايات متقنة (ضَرَبَ) الله (لَكُمْ) لانتفاعكم واتّعاظكم أو لأحوالكم في اشراككم بالله ممالكيه حتّى تتنبّهوا وتعلموا انّ هذا الإشراك خطاء محض (مَثَلاً) لحاله وحال شركائه بزعمكم (مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ مِنْ شُرَكاءَ) بيان للمثل كأنّه قال : المثل كون المماليك مع انّهم ليسوا مملوكين لكم حقيقة شركاء لكم (فِي ما رَزَقْناكُمْ) مع كون الرّزق منّا ونسبته إليكم محض اعتبار ولا ترضون به فكيف ترضون أو كيف يرضى الله تعالى بجعل مماليكه الحقيقيّة الّتى لا وجود لهم من أنفسهم فكيف بسائر الصّفات شركاء له في مملوكاته الحقيقيّة لكنّه عدل الى هذا تأكيدا لنفى رضاهم بشراكة مماليكهم حتّى يكون تأكيدا لنفى الشّريك لله تعالى (فَأَنْتُمْ فِيهِ سَواءٌ) عطف على مدخول الاستفهام يعنى لستم ترضون بمساواتهم لكم فكيف ترضون أو يرضى الله بمساواة مماليكه له ، أو عطف على حزب الله والفاء للتّعقيب في الاخبار وبعض أجزاء المعطوف يكون محذوفا والتّقدير فأنتم ايّها الأحرار فيما رزقناكم مساوون للمماليك أو أنتم ايّها الأحرار والمماليك فيه مساوون ولا ترضون بشراكة المماليك لكم مع مساواتهم لكم في كلّ الجهات فكيف ترضون أو يرضى الله بشراكة المماليك له (تَخافُونَهُمْ) جملة حاليّة أو مستأنفة والمعنى هل تخافونهم (كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ) فتجعلونهم