(وَصاحِبْهُما فِي الدُّنْيا مَعْرُوفاً) صحابا معروفا يعرفه العقلاء بالحسن ، والمعروف بالنّسبة الى أنواع الوالدين يختلف فانّ المعروف بالنّسبة الى محمّد (ص) وعلىّ (ع) ان لا تخالف قولهما لا في الظّاهر ولا في الباطن وان تطيعهما في كلّ ما امراك به ، وان تحبّهما وتبايع معهما ، وترابط معهما المرابطة القلبيّة بان تكون متوجّها إليهما ومتذكّرا لهما ومصوّرا لصورتهما في كلّ حال ، والمعروف بالنّسبة الى والديك الجسمانيّين لا يخفى على أحد (وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنابَ إِلَيَ) يعنى لا يكن صحابتك المعروفة مخرجة لك من طريق الولاية وصارفة لك من توجّهك الى طريق قلبك فانّ الاهتمام بشأن الوالدين ليس الّا لسلامة البقاء على طريق القلب وطريق الولاية فلا يكن اهتمامك بالوالدين مخرجا لك عن الولاية (ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ يا بُنَيَّ إِنَّها إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ) ضمير انّها للقصّة أو للاشراك والتّأنيث باعتبار الخبر الّذى هو مثقال حبّة فانّ المثقال بصحّة سقوطه يكسب التّأنيث من المضاف اليه ، أو باعتبار الخصلة كأنّه قال : انّ خصلة الإشراك ، وقيل : انّ الضّمير للعمل سيّئة كان أو حسنة باعتبار الخصلة ، وقرئ مثقال بالرّفع بجعل الضّمير للقصّة وكون كان تامّة (فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ) يعنى تكن في جوف أصلب الأشياء (أَوْ فِي السَّماواتِ) يعنى في ابعد الأماكن (أَوْ فِي الْأَرْضِ) اى في أقرب الأماكن إليكم (يَأْتِ بِهَا اللهُ) يحضرها ويحاسب عليها ، قيل : انّ ابن لقمان سئل فقال : أرأيت الحبّة تكون في مقل البحر أيعلمها الله؟ ـ فقال : انّها اى الحبّة الّتى سألتها ان تك مثقال حبّة (الآية) ، وقيل : انّ المراد انّ الرّزق ان كانت مثقال حبّة من خردل يأتيك بها الله (إِنَّ اللهَ لَطِيفٌ) في علمه وعمله فيعلم مثقال حبّة من خردل وان كانت في أخفى الأماكن وأصلبها أو أبعدها أو أقربها ويقدر على الإتيان بها من تلك الأماكن لدقّته في عمله (خَبِيرٌ) ويجوز ان يكون المراد باللّطيف لطفه في عمله ، وبالخبير لطفه في علمه ، وعن الصّادق والباقر (ع) : اتّقوا المحقّرات من الذّنوب فانّ لها طالبا لا يقولنّ أحدكم أذنب واستغفر الله انّ الله يقول : ان تك مثقال حبّة من خردل (الآية) (يا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ) قد مضى في اوّل البقرة وفي سورة النّساء عند قوله (لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى) بيان تامّ لاقسام الصّلوة وإقامتها (وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ) قد مضى في سورة البقرة عند قوله (أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ) بيان للأمر بالمعروف والنّهى عن المنكر (وَاصْبِرْ عَلى ما أَصابَكَ) من البلايا أو المشقّة والأذى في الأمر بالمعروف والنّهى عن المنكر (إِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) ممّا ينبغي ان يعزم عليه لكونه فرضا من الله أو فرضا تكوينيّا للنّفس الانسانيّة وللاهتمام بهذه الأمور أتى بقوله : انّ ذلك من عزم الأمور بين المتعاطفات (وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ) لا تمل خدّك عنهم في المعاشرة معهم ولا تعرض عمّن يكلّمك استخفافا به ، وقيل : المعنى لا تذلّ للنّاس طمعا فيما عندهم (وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً) المرح شدّة الفرح اى تكبّر عنهم فرحا بما عندك (إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ) الاختيال والفخر متقاربا المفهوم فانّهما خصلتان ناشئتان من ملاحظة النّفس وانانيّتها والفرح بها ، وملاحظة الغير وتحقيره في جنب نفسه لكن في الاختيال ملاحظة النّفس غالبة ، وفي الفخر ملاحظة الغير وتحقيره غالبة (وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ) يعنى عن الاسراع فانّ المقصود التّوسّط بين الاختيال الظّاهر بالتّأنّى في المشي وبين خفّة النّفس وعدم وقارها الظّاهر بالاسراع في المشي (وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ) اى انقص من صوتك ولا ترفعه قدر ما يمكن لك رفعه فالمقصود التّوسّط بين الخفض بحيث لا يسمعه من أردت إسماعه ولا يزيد على قدر إسماعه (إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْواتِ)