اشدّها زجرا (لَصَوْتُ الْحَمِيرِ) عن الصّادق (ع) انّه قال : هي العطسة القبيحة والرّجل يرفع صوته بالحديث رفعا قبيحا الّا ان يكون داعيا أو يقرأ القرآن وقد اقتصر تعالى شأنه من حكاية مواعظه على ما هو أصل أصول الدّين وهي الإشراك بالله أو الإشراك بالنّبوّة أو الولاية وعلى ما هو أصل أصول الأعمال الشّرعيّة من اقامة الصّلوة والأمر بالمعروف والنّهى عن المنكر والصّبر عليها أو على البلايا ، لكنّ المقصود الصّبر على الصّلوة وما بعدها حتّى يمكن عدّه من جانب الأعمال الشّرعيّة القالبيّة لانّ الصّبر على البلايا معدود من الأخلاق النّفسيّة وعلى ما هو أصل أصول آداب المعاشرة وقد ذكرنا قبيل هذا انّ ما نقل من مواعظه كثيرة من أراد فليرجع الى المفصّلات (أَلَمْ تَرَوْا) جواب لسؤال مقدّر ناش من قوله لقد آتينا لقمان الحكمة كأنّه قيل : لقد آتيت لقمان الحكمة فما لنا لم نؤت الحكمة؟ ـ فقال تعالى : قد آتيناكم أسباب حصول الحكمة فيكم من مدارككم الظّاهرة ومدارككم الباطنة وتسخير جميع ما في السّماوات وجميع ما في الأرض لكم بحيث يمكن لكم الاستدلال بها على مبدء عليم قدير حكيم مريد رحيم رؤف لطيف في علمه وعمله متقن لصنعه ، وعلى انّ الإنسان أشرف الموجودات ، وانّ الكلّ مخلوق لأجل بقائه وانتفاعه ، وان ليس المقصود منه تعمير هذه الدّار الفانية والّا كان مثل سائر المواليد موجودا لأجل غيره ، وانّه ينبغي له ان لا يتوقّف على تعيّش هذا العالم بل لا بدّ ان يجعل تعيّشه في الدّنيا مقدّمة للآخرة ، وانّ كلّ ما لم يكن مقدّمة للآخرة من جهات هذا العالم فهو فان غير باق لا ينبغي للعاقل ان يتوسّل به ويتوقّف عليه وليس الحكمة الّا هذا فان لم تتفكّروا ولم تتّصفوا بها كان من قبلكم (أَنَّ اللهَ سَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ) من الكواكب والملائكة الموكّلة بالسّماوات وكواكبها بحيث لم يتوانوا آنا ما من تحريك الأجسام الّتى بها وبتحريكها يتولّد المواليد وتبقى (وَما فِي الْأَرْضِ) من الدّوابّ والنّبات والمعادن بحيث لا يتأبّى من تصرّفكم باىّ تصرّف شئتم فما في السّماوات مسخّر لله لأجل انتفاعكم وما في الأرض مسخّر لله ولكم لأجل انتفاعكم (وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظاهِرَةً وَباطِنَةً) النّعم الظّاهرة كلّ ملائم لك له تعلّق بظاهرك المحسوس من المأكول والمشروب والملبوس والمسكن والمركوب والمنكوح والعزّ والعرض والحشمة والصّيت والمدارك الظّاهرة والأعضاء وغير ذلك ، وأشرف الكلّ ما له تعلّق بظاهرك ومع ذلك يكون جالبا للنّعم الباقية الاخرويّة من الرّسول ورسالته وقبول رسالته بالبيعة العامّة والدّعوة الظّاهرة واحكام رسالته والعمل بها ، والنّعم الباطنة ما له تعلّق بباطنك من المدارك الباطنة والإدراكات الدّقيقة بالتّفكّرات الدّقيقة والنّفس والقلب والعقل والاستعداد للخروج من هذه الدّار ، وأشرف الكلّ الولىّ (ع) وولايته وقبول ولايته بالبيعة الخاصّة الولويّة وقبول الدّعوة الباطنة واحكام الولاية ، وقد أشير الى ذلك في الاخبار فعن الباقر (ع) امّا النّعمة الظّاهرة فالنّبىّ (ص) وما جاء به من معرفة الله وتوحيده وامّا النّعمة الباطنة فولايتنا أهل البيت (ع) وعقد مودّتنا ، وعن الكاظم (ع) : النّعمة الظّاهرة الامام الظّاهر والباطنة الامام الغائب ، وكأنّه كان اشارة الى الفكر المصطلح للصّوفيّة من ظهور ملكوت ولىّ الأمر على صدر السّالك (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدىً وَلا كِتابٍ مُنِيرٍ) قد مضى الآية بتمام اجزائها في سورة الحجّ (وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا ما أَنْزَلَ اللهُ) اعرضوا و (قالُوا بَلْ نَتَّبِعُ ما وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا) كما كان عليه أهل كلّ زمان فانّه إذا قيل لهم : اتّبعوا ولىّ أمركم وعالم وقتكم يقولون : نحن على ما كان عليه أسلافنا (أَوَلَوْ كانَ الشَّيْطانُ يَدْعُوهُمْ إِلى عَذابِ السَّعِيرِ) يعنى لا ينبغي التّقليد لمن لم يكن حاله معلوما لك بل ينبغي ان يكون الإنسان مقلّدا لعالم حىّ قد ميّز حاله وعلم انّه مجاز من المعصوم بواسطة أو بلا واسطة ولا اقلّ من العلم بانّه يفعل ما يقول ويقول ما يفعل ، ولا يكون كالمدّعين الّذين يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم (وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى)