قال : قل يحييها الّذى انشأها اوّل مرّة أفيعجز من ابتداؤه لا من شيء ان يعيده بعد ان يبلى بل ابتداؤه أصعب عندكم من إعادته ثمّ قال : الّذى جعل لكم من الشّجر الأخضر نارا اى إذا كمن النّار الحارّة في الشّجر الأخضر الرّطب ثمّ يستخرجها فعرّفكم انّه على اعادة من بلى اقدر ثمّ قال : أو ليس الّذى خلق السّماوات والأرض بقادر (الآية) اى إذا كان خلق السّماوات والأرض أعظم وابعد في أوهامكم وقدركم ان تقدروا عليه من اعادة البالي ، فكيف جوّزتم من الله خلق هذا الأعجب عندكم والأصعب لديكم ولم تجوّزوا منه ما هو أسهل عندكم من اعادة البالي (إِنَّما أَمْرُهُ) اى شأنه (إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) قد مضى في أوائل البقرة عند قوله (بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) ما يغني عن بيان هذه الآية (فَسُبْحانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ) قد مضى في سورة هود عند قوله تعالى : (ما مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِناصِيَتِها) ما يغني عن بيان هذه الكلمة ، وهكذا مضى بيان اجمالىّ لها في سورة المؤمنون عند نظير الآية (وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) قد مضى مكرّرا هذه الكلمة.
سورة الصّافات
مكّيّة كلّها ، مائة واحدى وثمانون آية
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(وَالصَّافَّاتِ صَفًّا فَالزَّاجِراتِ زَجْراً فَالتَّالِياتِ ذِكْراً) اقسم تعالى بأصناف الملائكة فانّ الملائكة أصناف ، صنف يقال لهم المقرّبون والمهيّمون والقيام لا ينظرون وهم العقول الطّوليّة بلسان الفلاسفة ، وصنف يقال لهم الأرواح وأرباب الأنواع وأرباب الطّلسمات وإليهم الاشارة في الاخبار بقولهم (ع) : انّ في العرش لديكا إذا صاح صاحت الدّيكان في الأرض ، وانّ في العرش لثورا وهم العقول العرضيّة بلسان الفلاسفة وهم صفوف عند الله ، ولكونهم صفوفا سمّوهم العقول العرضيّة اقسم الله تعالى بهم ، وقيل : المراد مطلق الملائكة والأنبياء ومن صفّ لله وعبده ، وقيل : المراد بهم الملائكة تصفّ أنفسها صفوفا في السّماء كصفوف المؤمنين في الصّلوة ، أو تصفّ أجنحتها في الهواء إذا أرادت النّزول الى الأرض ، وقيل : المراد المؤمنون يقومون مصطفّين في الصّلوة وفي الجهاد ، وصنف يقال لهم النّفوس الكلّيّة والنّفوس الجزئيّة وهنّ المدبّرات امرا وهم الملائكة ذووا الاجنحة ، وهم الملائكة الّذين يدبّرون الطّبائع والمواليد ويزجرون الطّبائع بقسرها على خلاف طبيعتها ، بفصلها عن أحيازها ، ووصلها بغير أجناسها ، وحبسها مع غير جنسها ، كما في المواليد ، وحركتها على خلاف طبائعها كما في الفلكيّات ، ويزجرون المكلّفين من الجنّة والنّاس كما ورد انّ لكلّ إنسان ملكا يزجره ، وقيل : هم الملائكة الموكّلة بالسّحاب تزجرها وتسوقها ، وقيل : المراد زواجر القرآن وآياته النّاهية ، وقيل : المراد المؤمنون يصيحون عند قراءة القرآن لانّ الزّجرة الصّيحة ، وصنف من الملائكة ينزلون على الأنبياء والأوصياء (ع) بأحكام العباد وهم الملائكة الموكّلون على العلوم والوحي ، وهم التّالون ذكرا عظيما