أو انّه امر باجرائها فكان مشتغلا بالتّفكّر فيها والنّظر إليها حتّى توارت عن نظره (رُدُّوها عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسُّوقِ وَالْأَعْناقِ) قد ورد الاخبار من طريق الخاصّة انّ سليمان (ع) اشتغل ذات يوم بالعشىّ بعرض الخيل لانّه كان يريد الجهاد ففات وقت صلوة عصره وتوارت الشّمس وغربت ، وفي بعض الاخبار فات اوّل وقت صلوة وقيل فات صلوة نفلته فقال : للملائكة بأمر الله ردّوا الشّمس علىّ حتّى أصلّي صلوتى في وقتها فردّوها عليه ، فمسح ساقيه وعنقه وامر أصحابه الّذين فاتتهم الصّلوة معه بمثل ذلك وكان ذلك وضوءهم ثمّ قام فصلّى فلمّا فرغ غابت الشّمس وطلعت النّجوم ، وقيل : انّه قال لأصحابه : ردّوا الخيل علىّ فردّوها عليه فضرب سوقها وأعناقها بالسّيف لانّها كانت سبب فوت صلوته ، وقيل في تصحيحه : انّها كانت اعزّ ماله فذبحها ليتصدّق بلحومها على المساكين فانّه (لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ) وقيل : جعل يمسح اعراف خيله وعراقيبها بيده حبّا لها ، وقيل : مسح أعناقها وسوقها وجعلها مسبّلة في سبيل الله ، وقيل : انّه لمّا قتل الخيل ضلّ خاتمه بسبب قتلها سرقه شيطان أربعين يوما وجلس مكانه وفرّ سليمان ثمّ وجد خاتمه في بطن الحوت ، وقد ذكر قصّته في سورة البقرة عند قوله تعالى (وَما كَفَرَ سُلَيْمانُ) قال ابن عبّاس : سألت عليّا عن هذه الآية فقال : ما بلغك فيها يا ابن عبّاس؟ ـ قلت : سمعت كعبا يقول : اشتغل سليمان (ع) بعرض الافراس حتّى فاتته الصّلوة فقال : ردّوها يعنى الافراس كانت اربعة عشر فامر بضرب سوقها وأعناقها بالسّيف فقتلها فسلبه الله ملكه اربعة عشر يوما لانّه ظلم الخيل بقتلها ، فقال علىّ (ع) : كذب كعب لكن اشتغل سليمان (ع) بعرض الافراس ذات يوم لانّه أراد جهاد العدوّ حتّى توارت الشّمس بالحجاب فقال بأمر الله للملائكة الموكّلين بالشّمس : ردّوها علىّ فردّت فصلّى العصر في وقتها ، وانّ أنبياء الله تعالى لا يظلمون ولا يأمرون بالظّلم لانّهم معصومون مطهّرون (وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمانَ) امتحنّاه (وَأَلْقَيْنا عَلى كُرْسِيِّهِ جَسَداً ثُمَّ أَنابَ) روى عن النّبىّ (ص) انّ سليمان (ع) قال : يوما في مجلسه لاطوفنّ اللّيلة على سبعين امرأة تلد كلّ امرأة منهنّ غلاما يضرب بالسّيف في سبيل الله ، ولم يقل ، ان شاء الله ، فطاف عليهنّ فلم تحمل منهنّ الا امرأة واحدة جاءت بشقّ ولد ثمّ قال : فو الّذى نفس محمّد بيده لو قال : ان شاء الله ، فطاف عليهنّ فلم تحمل منهنّ الا امرأة واحدة جاءت بشقّ ولد ثمّ قال : فو الّذى نفس محمّد بيده لو قال : ان شاء الله لجاهدوا في سبيل الله فرسانا والجسد الّذى كان على كرسيّه كان هذا ، وعن الصّادق (ع) انّ الجنّ والشّياطين لمّا ولد لسليمان بن داود (ع) قال بعضهم لبعض : ان عاش له ولد لنلقينّ منه ما لقينا من أبيه من البلاء ، فاشفق منهم عليه فاسترضعه في المزن وهو السّحاب فلم يشعر الّا وقد وضع على كرسيّه ميّتا لتنبيهه على انّ الحذر لا ينفع من القدر وانّما عوتب على خوفه من الشّياطين ، وقيل : انّ المراد بالجسد هو الشّيطان الّذى جلس مكانه على كرسيّه سمّى بالجسد لخلوّه من روح الإنسان ، وذكر في سبب ابتلائه (ع) بسلب ملكه انّ امرأة كانت تعبد في بيته صورة أربعين يوما ولم يشعر به ، ونقل انّ سليمان (ع) لمّا تزوّج باليمانية ولد منها ولد وكان يحبّه فنزل ملك ـ الموت على سليمان وكان كثيرا ما ينزّل عليه فنظر الى ابنه نظرا ففزع سليمان من ذلك فقال لامّه : انّ ملك الموت نظره اظنّه قد امر بقبض روحه فقال للجنّ والشّياطين : هل لكم حيلة ان تفرّوه من الموت؟ فقال واحد منهم : انا أضعه تحت عين الشّمس في المشرق فقال سليمان (ع) : انّ ملك الموت يبلغ ذلك ، فقال آخر : انا أضعه في السّحاب والهواء فرفعه ووضعه في السّحاب وجاء ملك الموت فقبض روحه في السّحاب فوقع جسده ميّتا على كرسىّ سليمان ، فعلم انّه قد اخطأ فحكى الله ذلك في قوله والقينا على كرسيّه جسدا ثمّ أناب وأمثال هذه وأمثال روايات سلب ملك سليمان (ع) وجلوس الشّيطان على كرسيّه وكون ملكه منوطا بخاتم ليس الّا من الرّموز الّتى رمزها الأقدمون ثمّ أخذها العامّة بصورها الظّاهرة ومفاهيمها العامّيّة ونسبوا الى الأنبياء عليهمالسلام ما لا يليق ان ينسب الى مؤمن فكيف بكامل أو نبىّ (ع) (قالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي) بعد ما استشعر بانّا فتنّاه (وَهَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ) يعنى لانّك تكون كثير الهبة وكانت عادتك ذلك وكانت الوهّابيّة منحصرة فيك سألتك هذا السّؤال فانّه ان كان عظيما