وفعله قول الله وفعله (وَانْظُرْ إِلى إِلهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عاكِفاً) اى مقيما على عبادته (لَنُحَرِّقَنَّهُ) قرئ من باب التّفعيل بمعنى إحراقه بالنّار ، وقرئ لنحرقنّه من حرقة يحرقه من باب نصر بمعنى برده وحكّ بعضه ببعض وعلى الاوّل يدلّ الإحراق على انّه صار حيوانا كما روى انّه بعد ما ذرّ التّراب عليه تحرّك وأشعروا وبروخار ، وعلى الثّانى يدلّ برده على انّه كان باقيا على ذهبيّته (ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ) لنذرينّه (فِي الْيَمِّ نَسْفاً إِنَّما إِلهُكُمُ اللهُ) مستأنفة جواب للسّؤال عن علّة الحكم والمعنى نحرقه لانّه ليس آلها وانّما إلهكم الله اى المسمّى بالله الدّائر على السنة الجميع (الَّذِي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) وهو صفة بيانيّة وتصريح بحصر الآلهة فيه ونفى الآلهة من غيره (وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً) وهو كناية عن احاطة علمه بالأشياء ولمّا كان علمه تعالى ذا مراتب ومرتبة منه عين ذاته وهي مرتبة الغيب الّتى لا خبر عنها ولا اثر فلا كلام لنا فيها ، ومرتبة منه فعله الّذى يعبّر عنها بالمشيّة والحقّ المخلوق به وتلك جامع لجميع الموجودات بوجوداتها لا بحدودها وتعيّناتها ، فانّ الحدود والتّعيّنات اعدام لا طريق لها الى ذلك العالم ومرتبة منه الأقلام العالية وحكمها حكم المشيّة ، ومرتبة منه النّفوس الكلّيّة ، ومرتبة منه النّفوس الجزئيّة ، ومرتبة منه الوجودات الطّبيعيّة ، وكلّ مرتبة من المراتب العالية علم له تعالى بجميع ما دونها فأنّ جميع ما دونها مجتمعة بوجوداتها لا بحدودها في المرتبة العالية ، وكما انّها علم بجميع ما دونها علم له تعالى بنفس تلك المرتبة ، وكونها علما بما دونها هو العلم السّابق على المعلوم ، وكونها علما بنفسها هو العلم الّذى يكون مع المعلوم ، وعالم الطّبع بوجوده علم له تعالى بالعلم الّذى يكون مع المعلوم فكلّ شيء معلوم له تعالى بالعلوم السّابقة ومعلوم له تعالى بوجوده الخاصّ به الّذى هو علمه تعالى به (كَذلِكَ) القصص الّذى قصصناه عليك (نَقُصُ) بعد ذلك (عَلَيْكَ مِنْ أَنْباءِ ما قَدْ سَبَقَ) اى أنباء الوقائع الّتى سبقت من وقائع الأنبياء (ع) وغيرهم (وَقَدْ آتَيْناكَ مِنْ لَدُنَّا ذِكْراً) اى سبب تذكّر للأمور الماضية وهو الولاية الّتى بها يتذكّر جميع مراتب الوجود وجميع ما في كلّ مرتبة يعنى نقصّ عليك والحال انّا أعطيناك الولاية الّتى بها تستغني عن القصص ، أو المراد بالذّكر القرآن ، أو الصّيت والذّكر الجميل ، أو المراد بالذّكر قصص الاخبار الماضية والمقصود انّا آتيناك هذا الذّكر من لدنّا لا من لدن الوسائط (مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ) من موصولة أو شرطيّة والجملة صفة ذكرا أو حال أو مستأنفة جواب لسؤال مقدّر والضّمير المجرور راجع الى الذّكر بمعانيه ، أو الى القصص ، أو الى الله تعالى لانّ من أعرض عن كلّ (فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وِزْراً) الوزر بالكسر الإثم والثّقل والحمل الثّقيل (خالِدِينَ فِيهِ) جمع الضّمير وافراده في سابقه باعتبار لفظ من ومعناه ، والمراد انّهم خالدون في عذاب ذلك الوزر والنّار اللّازمة له (وَساءَ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ حِمْلاً) يعنى انّ الإنسان واقع بين داري الرّحمن والشّيطان ومن توجّه الى الولاية خرج من القوّة الى الفعليّات الولويّة الرّحمانيّة المورثة لدخول الجنان ، ومن أعرض عن الولاية خرج من القوّة الى الفعليّات الشّيطانيّة لخروجه لا محالة من القوّة الى الفعليّات بالتّدريج وعدم الفصل بين الفعليّات الولويّة والفعليّات الشّيطانيّة ، والفعليّات الشّيطانيّة حمل ثقيل على الإنسان سائق له الى النّيران فبئس الحمل تلك الفعليّة يوم القيامة حملا (يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ) بدل من يوم القيامة ويكون المراد بالنّفخ نفخ الأحياء وقرئ ينفخ بالياء مبنيّا للمفعول ومبنيّا للفاعل ، وننفخ بالنّون اسنادا للفعل الى الأمر تفخيما للفعل أو للفاعل ، والصّور قرن له بعدد كلّ نفس ثقبة (وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ) وقرئ بالياء مبنيّا للمفعول والمجرمون بالرّفع وهو عطف على يحمل ، واكتفى عن العائد بإظهار المجرمين فانّ المراد بهم هو من أعرض