وشدة الخوف [والتقاء الزحوف في الفرائض] (١). حدثنا أبو كريب ، أخبرنا ابن إدريس ، حدثنا عبد الملك هو ابن أبي سليمان ، عن سعيد بن جبير عن ابن عمر ، أنه كان يصلي حيث توجهت به راحلته ، ويذكر أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، كان يفعل ذلك ويتأول هذه الآية (فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ). ورواه مسلم والترمذي والنسائي وابن أبي حاتم وابن مردويه ، من طرق عن عبد الملك بن أبي سليمان به ، وأصله في الصحيحين ، من حديث ابن عمر وعامر بن ربيعة ، من غير ذكر الآية. وفي صحيح البخاري من حديث نافع عن ابن عمر ، وأنه كان إذا سئل عن صلاة الخوف وصفها ، ثم قال : فإن كان خوف أشد من ذلك ، صلوا رجالا قياما على أقدامهم وركبانا مستقبلي القبلة وغير مستقبليها قال نافع : ولا أرى ابن عمر ذكر ذلك إلا عن النبيصلىاللهعليهوسلم.
[مسألة] ولم يفرق الشافعي في المشهور عنه ، بين سفر المسافة وسفر العدوى ، فالجميع عنه يجوز التطوع فيه على الراحلة ، وهو قول أبي حنيفة خلافا لمالك وجماعته ، واختار أبو يوسف وأبو سعيد الإصطخري ، التطوع على الدابة في المصر ، وحكاه أبو يوسف عن أنس بن مالك رضي الله عنه ، واختاره أبو جعفر الطبري ، حتى للماشي أيضا. قال ابن جرير وقال آخرون : بل نزلت الآية في قوم عميت عليهم القبلة ، فلم يعرفوا شطرها فصلوا على أنحاء مختلفة ، فقال الله تعالى : لي المشارق والمغارب فأني وليتم وجوهكم فهناك وجهي وهو قبلتكم فيعلمهم بذلك أن صلاتهم ماضية. حدثنا (٢) أحمد بن إسحاق الأهوازي ، أخبرنا أبو أحمد الزبيري أخبرنا أبو الربيع السمان ، عن عاصم بن عبيد الله عن عبد الله بن عامر بن ربيعة ، عن أبيه قال : كنا مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، في ليلة سوداء مظلمة فنزلنا منزلا ، فجعل الرجل يأخذ الأحجار فيعمل مسجدا يصلي فيه ، فلما أن أصبحنا إذا نحن قد صلينا إلى غير القبلة ، فقلنا يا رسول الله لقد صلينا ليلتنا هذه لغير القبلة ، فأنزل الله تعالى : (وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ) الآية. ثم رواه عن سفيان بن وكيع عن أبيه عن أبي الربيع السمان بنحوه. ورواه الترمذي عن محمود بن غيلان عن وكيع وابن ماجة عن يحيى بن حكيم عن أبي داود عن أبي الربيع السمان ، ورواه ابن أبي حاتم عن الحسن بن محمد بن الصباح ، عن سعيد بن سليمان عن أبي الربيع السمان ، واسمه أشعث (٣) بن سعيد البصري ، وهو ضعيف الحديث ، وقال الترمذي : هذا حديث حسن ، وليس إسناده بذاك ولا نعرفه إلا من حديث الأشعث السمان ، وأشعث يضعف في الحديث. قلت وشيخه عاصم أيضا ضعيف. قال البخاري منكر الحديث. وقال ابن معين : ضعيف لا يحتج به. وقال ابن حبان : متروك ، والله أعلم.
وقد روى من طريق آخر ، عن جابر فقال الحافظ أبو بكر بن مردويه في تفسير هذه الآية:
__________________
(١) الزيادة من الطبري.
(٢) الحديث للطبري ، وهو في تفسيره ١ / ٥٥٠.
(٣) وانظر موسوعة رجال الكتب التسعة ١ / ١٤٠.