وقال عبد الرزاق : أخبرنا معمر عمن سمع الحسن يقول في قوله : (وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ) قال : ابتلاه الله بذبح ولده وبالنار وبالكوكب والشمس والقمر. وقال أبو جعفر بن جرير : أخبرنا ابن بشار أخبرنا سلم بن قتيبة ، أخبرنا أبو هلال عن الحسن (وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ) ، قال : ابتلاه بالكوكب وبالشمس والقمر ، فوجده صابرا.
وقال العوفي في تفسيره عن ابن عباس : (وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَ) فمنهن (قالَ إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً) ومنهن (وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْماعِيلُ) [البقرة : ١٢٧] ومنهن الآيات في شأن المنسك والمقام الذي جعل لإبراهيم والرزق الذي رزق ساكنو البيت ، ومحمد بعث في دينهما (١).
وقال ابن أبي حاتم : أخبرنا الحسن بن محمد بن الصباح ، أخبرنا شبابة عن ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد ، في قوله تعالى : (وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَ) قال الله لإبراهيم : إني مبتليك بأمر فما هو؟ قال : تجعلني للناس إماما؟ قال : نعم ، قال : ومن ذريتي؟ قال : (لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) ، قال : تجعل البيت مثابة للناس؟ قال : نعم ، قال : وأمنا؟ قال : نعم ، قال : وتجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك؟ قال : نعم ، قال : وترزق أهله من الثمرات من آمن منهم بالله؟ قال : نعم ، قال ابن نجيح : سمعته عن عكرمة فعرضته على مجاهد فلم ينكره ، وهكذا رواه ابن جرير من غير وجه عن ابن أبي نجيح عن مجاهد.
وقال سفيان الثوري عن ابن أبي نجيح عن مجاهد ، (وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَ) قال : ابتلي بالآيات التي بعدها (إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً قالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قالَ لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ).
وقال أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس : (وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ) قال : الكلمات (إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً) وقوله : (وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْناً) [البقرة : ١٢٥] وقوله : (وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى) [البقرة : ١٢٥] وقوله : (وَعَهِدْنا إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ) [البقرة : ١٢٥] الآية ، وقوله : (وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْماعِيلُ) [البقرة : ١٢٧] الآية ، قال : فذلك كله من الكلمات التي ابتلي بهن إبراهيم.
وقال السدي : الكلمات التي ابتلى بهن إبراهيم ربه : (رَبَّنا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ. رَبَّنا وَاجْعَلْنا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ) [البقرة : ١٢٧ ـ ١٢٨] (رَبَّنا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ) [البقرة : ١٢٩] وقال القرطبي (٢) : وفي الموطأ وغيره ، عن يحيى بن سعيد أنه سمع سعيد بن المسيب يقول : إبراهيم عليهالسلام أول من اختتن وأول من ضاف الضيف ،
__________________
(١) في الطبري : «ومحمد في ذريتهما عليهماالسلام».
(٢) تفسير القرطبي ٢ / ٩٨.