أيوب ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس (وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ) قال ، القواعد التي كانت قواعد البيت قبل ذلك. وقال عبد الرزاق أيضا : أخبرنا هشام بن حسان عن سوار ختن عطاء ، عن عطاء بن أبي رباح ، قال : لما أهبط الله آدم من الجنة كانت رجلاه في الأرض ورأسه في السماء ، يسمع كلام أهل السماء ودعاؤهم يأنس إليهم ، فهابت الملائكة حتى شكت إلى الله في دعائها وفي صلاتها ، فخفضه الله تعالى إلى الأرض ، فلما فقد ما كان يسمع منهم استوحش ، حتى شكا ذلك إلى الله في دعائه وفي صلاته ، فوجه إلى مكة فكان موضع قدميه قرية ، وخطوه مفازة ، حتى انتهى إلى مكة وأنزل الله ياقوتة من ياقوت الجنة ، فكانت على موضع البيت الآن ، فلم يزل يطوف به حتى أنزل الله الطوفان ، فرفعت تلك الياقوتة ، حتى بعث الله إبراهيم عليهالسلام فبناه ، ذلك قول الله تعالى : (وَإِذْ بَوَّأْنا لِإِبْراهِيمَ مَكانَ الْبَيْتِ).
وقال عبد الرزاق : أخبرنا ابن جريج عن عطاء ، قال : قال آدم : إني لا أسمع أصوات الملائكة ، فقال : بخطيئتك ، ولكن اهبط إلى الأرض فابن لي بيتا ثم احفف به كما رأيت الملائكة تحف ببيتي الذي في السماء فيزعم الناس أنه بناه من خمسة أجبل : من حراء وطور زيتا وطور سيناء [وجبل لبنان] (١) والجودي ، وكان ربضه من حراء ، فكان هذا بناء آدم حتى بناه إبراهيم عليهالسلام بعد ، وهذا صحيح إلى عطاء ولكن في بعضه نكارة ، والله أعلم.
وقال عبد الرزاق (٢) أيضا أخبرنا معمر عن قتادة ، قال : وضع الله البيت مع آدم حين أهبط الله آدم إلى الأرض ، وكان مهبطه بأرض الهند ، وكان رأسه في السماء ورجلاه في الأرض ، فكانت الملائكة تهابه ، فنقص إلى ستين ذراعا ، فحزن آدم إذ فقد أصوات الملائكة وتسبيحهم ، فشكا ذلك إلى الله عزوجل ، فقال الله : يا آدم إني أهبطت لك بيتا تطوف به كما يطاف حول عرشي ، وتصلي عنده كما يصلى عند عرشي ، فانطلق إليه آدم ، فخرج ومدّ له في خطوه ، فكان بين كل خطوتين مفازة ، فلم تزل تلك المفازة بعد ذلك ، فأتى آدم البيت فطاف به ومن بعده من الأنبياء.
وقال ابن جرير (٣) : أخبرنا ابن حميد ، أخبرنا يعقوب العمىّ ، عن حفص بن حميد ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال ، وضع الله البيت على أركان الماء على أربعة أركان قبل أن تخلق الدنيا بألفي عام ، ثم دحيت الأرض من تحت البيت.
وقال محمد بن إسحاق (٤) : حدثني عبد الله بن أبي نجيح عن مجاهد وغيره من أهل العلم : إن الله لما بوأ إبراهيم مكان البيت خرج إليه من الشام ، وخرج معه إسماعيل وأمه هاجر وإسماعيل طفل صغير يرضع ، وحملوا فيما حدثني على البراق ، ومعه جبريل يدله على موضع البيت ومعالم الحرم ، فخرج وخرج معه جبريل ، فكان لا يمر بقرية إلا قال : أبهذه أمرت
__________________
(١) الزيادة من الطبري.
(٢) تفسير الطبري ١ / ٥٩٦.