والمتعدية ، تقول : حمدته لفروسيته وحمدته لكرمه وهو أخص ، لأنه لا يكون إلا بالقول ، والشكر أعم من حيث ما يقعان عليه لأنه يكون بالقول والفعل والنية كما تقدم وهو أخص لأنه لا يكون إلا على الصفات المتعدية لا يقال : شكرته لفروسيته وتقول شكرته على كرمه وإحسانه إليّ. هذا حاصل ما حرره بعض المتأخرين والله أعلم.
وقال أبو نصر إسماعيل بن حماد الجوهري : الحمد نقيض الذم ، تقول حمدت الرجل أحمده حمدا ومحمدة فهو حميد ومحمود والتحميد أبلغ من الحمد ، والحمد أعم من الشكر ، وقال في الشكر : هو الثناء على المحسن بما أولاه من المعروف ، يقال : شكرته وشكرت له ، وباللام أفصح. وأما المدح فهو أعم من الحمد لأنه يكون للحي وللميت وللجماد أيضا كما يمدح الطعام والمكان ونحو ذلك ويكون قبل الإحسان وبعده ، وعلى الصفات المتعدية واللازمة أيضا فهو أعم.
ذكر أقوال السلف في الحمد
قال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا أبو معمر القطيعي حدثنا حفص عن حجاج عن ابن أبي مليكة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال عمر رضي الله عنه : قد علمنا سبحان الله ولا إله إلا الله ، فما الحمد لله؟ فقال علي : كلمة رضيها الله لنفسه ، ورواه غير أبي معمر عن حفص فقال : قال عمر لعلي ـ وأصحابه عنده ـ : لا إله إلا الله وسبحان الله والله أكبر قد عرفناها فما الحمد لله؟ قال علي : كلمة أحبها الله تعالى لنفسه ورضيها لنفسه وأحب أن تقال (١). وقال علي بن زيد بن جدعان عن يوسف بن مهران : قال ابن عباس : الحمد لله كلمة الشكر وإذا قال العبد الحمد لله قال الله : شكرني عبدي. رواه ابن أبي حاتم ، وروى أيضا هو وابن جرير (٢) من حديث بشر بن عمارة عن أبي روق عن الضحاك عن ابن عباس أنه قال : الحمد لله هو الشكر لله والاستخذاء له والإقرار له بنعمته وهدايته وابتدائه وغير ذلك. وقال كعب الأحبار : الحمد لله ثناء على الله ، وقال الضحاك : الحمد لله رداء الرحمن ، وقد ورد الحديث بنحو ذلك(٣).
قال ابن جرير : حدثنا سعيد بن عمرو السكوني حدثنا بقية بن الوليد حدثني عيسى بن إبراهيم عن موسى بن أبي حبيب عن الحكم بن عمير وكانت له صحبة قال : قال رسول اللهصلىاللهعليهوسلم إذا قلت الحمد لله رب العالمين فقد شكرت الله فزادك ، وقد روى الإمام أحمد بن حنبل(٤): حدثنا روح حدثنا عوف عن الحسن عن الأسود بن سريع قال : قلت يا رسول الله ألا أنشدك محامد حمدت
__________________
(١) الدر المنثور ١ / ٣٤.
(٢) تفسير الطبري ١ / ٨٩ ؛ والدر المنثور ١ / ٣٤.
(٣) حديثا كعب والضحاك أخرجهما ابن جرير وابن أبي حاتم (الدر المنثور ١ / ٣٤)
(٤) المسند ج ٥ ص ٣٠٣.