بها ربي تبارك وتعالى فقال : «اما إن ربك يحب الحمد» ورواه النسائي عن علي بن حجر عن ابن علية عن يونس بن عبيد عن الحسن الأسود بن سريع به. وروى أبو عيسى الحافظ الترمذي والنسائي وابن ماجة من حديث موسى بن إبراهيم بن كثير عن طلحة بن خراش عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم «أفضل الذكر لا إله إلا الله ، وأفضل الدعاء الحمد لله» وقال الترمذي حسن غريب ، وروى ابن ماجة عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول اللهصلىاللهعليهوسلم : «ما أنعم الله على عبد نعمة فقال : الحمد لله إلا كان الذي أعطي أفضل مما أخذ» وقال القرطبي في تفسيره وفي نوادر الأصول عن أنس عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «لو أن الدنيا بحذافيرها في يد رجل من أمتي ثم قال الحمد لله كان الحمد لله أفضل من ذلك» قال القرطبي وغيره : أي لكان إلهامه الحمد لله أكثر نعمة عليه من نعم الدنيا لأن ثواب الحمد لله لا يفنى ونعيم الدنيا لا يبقى قال الله تعالى : (الْمالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَياةِ الدُّنْيا وَالْباقِياتُ الصَّالِحاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَواباً وَخَيْرٌ أَمَلاً) [الكهف : ٤٦] وفي سنن ابن ماجة عن ابن عمر أن رسول اللهصلىاللهعليهوسلم حدثهم أن عبدا من عباد الله قال يا رب لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك. فعضلت (١) بالملكين فلم يدريا كيف يكتبانها فصعدا إلى الله فقالا : يا ربنا إن عبدا قد قال مقالة لا ندري كيف نكتبها ، قال الله ، وهو أعلم بما قال عبده ، ماذا قال عبدي؟ قالا يا رب إنه قال : لك الحمد يا رب كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك. فقال الله لهما «اكتباها كما قال عبدي حتى يلقاني فأجزيه بها» وحكى القرطبي عن طائفة أنهم قالوا : قول العبد (الحمد لله رب العالمين) أفضل من قوله (لا إله إلا الله) لاشتمال الحمد لله رب العالمين على التوحيد مع الحمد ، وقال آخرون (لا إله إلا الله) أفضل لأنها تفصل بين الإيمان والكفر وعليها يقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله ، كما ثبت في الحديث المتفق عليه وفي الحديث الآخر : «أفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلي : لا إله إلا الله وحده لا شريك له» وقد تقدم عن جابر مرفوعا «أفضل الذكر لا إله إلا الله وأفضل الدعاء الحمد لله» وحسنه الترمذي ، والألف واللام في الحمد لاستغراق جميع أجناس الحمد وصنوفه لله تعالى كما جاء في الحديث : «اللهم لك الحمد كله ولك الملك كله وبيدك الخير كله وإليك يرجع الأمر كله» الحديث.
[القول في تأويل (رَبِّ الْعالَمِينَ)]
والرب هو المالك المتصرف ويطلق في اللغة على السيد وعلى المتصرف للإصلاح وكل ذلك صحيح في حق الله ، ولا يستعمل الرب لغير الله بل بالإضافة تقول : رب الدار ، رب كذا ، وأما الرب (٢) فلا يقال إلا لله عزوجل ، وقد قيل إنه الاسم الأعظم. والعالمين جمع عالم ، وهو
__________________
(١) عضل به الأمر : اشتدّ واستغلق.
(٢) أي الرب مطلقا.