يضعف الدرهم فيهما إلى سبعمائة ضعف ، ولهذا قال تعالى : (كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ) وهذا المثل أبلغ في النفوس من ذكر عدد السبعمائة ، فإن هذا فيه إشارة إلى أن الأعمال الصالحة ينميها الله عزوجل لأصحابها ، كما ينمي الزرع لمن بذره في الأرض الطيبة ، وقد وردت السنة بتضعيف الحسنة إلى سبعمائة ضعف.
قال الإمام أحمد (١) : حدثنا زياد بن الربيع أبو خداش ، حدثنا واصل مولى ابن عيينة ، عن بشار بن أبي سيف الجرمي ، عن عياض بن غطيف ، قال : دخلنا على أبي عبيدة [بن الجراح] نعوده من شكوى أصابته بجنبه ، وامرأته تحيفة قاعدة عند رأسه ، قلنا : كيف بات أبو عبيدة؟ قالت : والله لقد بات بأجر. قال أبو عبيدة : ما بتّ بأجر ، وكان مقبلا بوجهه على الحائط ، فأقبل على القوم بوجهه وقال : ألا تسألوني عما قلت؟ قالوا : ما أعجبنا ما قلت فنسألك عنه ، قال سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «من أنفق نفقة فاضلة في سبيل الله فسبعمائة ، ومن أنفق على نفسه وأهله أو عاد مريضا أو أماط أذى ، فالحسنة بعشر أمثالها ، والصوم جنة ما لم يخرقها ، ومن ابتلاه الله عزوجل ببلاء في جسده فهو له حطة» وقد روى النسائي في الصوم بعضه من حديث واصل به ، ومن وجه آخر موقوفا.
حديث آخر ـ قال الإمام أحمد (٢) : حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة عن سليمان ، سمعت أبا عمرو الشيباني عن أبي مسعود أن رجلا تصدق بناقة مخطومة في سبيل الله ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم «لتأتين يوم القيامة بسبعمائة ناقة مخطومة» ورواه مسلم والنسائي من حديث سليمان بن مهران عن الأعمش به ، ولفظ مسلم : جاء رجل بناقة مخطومة فقال : يا رسول الله ، هذه في سبيل الله ، فقال : «لك بها يوم القيامة سبعمائة ناقة».
حديث آخر ـ قال أحمد (٣) : حدثنا عمرو بن مجمع أبو المنذر الكندي ، أخبرنا إبراهيم الهجري ، عن أبي الأحوص عن عبد الله بن مسعود ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم «إن الله جعل حسنة ابن آدم إلى عشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلا الصوم والصوم لي ، وأنا أجزي به ، وللصائم فرحتان : فرحة عند إفطاره ، وفرحة يوم القيامة ، ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك».
حديث آخر ـ قال أحمد (٤) : أخبرنا وكيع ، أخبرنا الأعمش عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم «كل عمل ابن آدم يضاعف الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى ما شاء الله ، يقول الله إلا الصوم فإنه لي ، وأنا أجزي به ، يدع طعامه وشرابه من أجلي ، وللصائم
__________________
(١) مسند أحمد (ج ١ ص ١٩٥)
(٢) المسند (ج ٤ ص ١٤١)
(٣) المسند (ج ١ ص ٤٤٦)
(٤) المسند (ج ٢ ص ٤٤٣)