لقيتم ألقابا لا أعرفها ، وكلاما غير ما أعهد ، فدعوني حتّى أسمع وأقف على مقصودكم.
فسألوه عن الفرق الّذي بعد الجمع ما علامته؟ وما الفرق بينه وبين الفرق الأوّل؟ ما أدري سألوه بهذا اللّفظ أو بمعناه ، وكنت قد لقيته بالرّقّة سنة سبعين ، فسألني عن الجنيد ، فقلت : إنّهم يشيرون إلى شيء يسمّونه الفرق الثّاني والصّحو.
قال : اذكر لي شيئا منه. فذكرته فضحك وقال : ما يقول ابن الخلنجيّ؟
قلت : ما يجالسهم.
قال : فأبو أحمد القلانسيّ؟
قلت : مرّة يخالفهم ، ومرّة يوافقهم.
قال : فما تقول أنت؟
قلت : ما عسى أن أقول أنا.
ثمّ قلت : أحسب أن هذا الّذي يسمّونه فرقا ثانيا هو عين من عيون الجمع ، يتوهّمون به أنّهم قد خرجوا عن الجمع.
فقال : هو كذلك. أنت إنّما سمعت هذا من أبي أحمد القلانسيّ.
فقلت : لا.
فلمّا قدمت بغداد ، حدّثت أبا أحمد بذلك ، فأعجبه قول النّوريّ. وأمّا أبو أحمد فكان ربّما يقول : هو صحو وخروج عن الجمع. وربّما قال : بل هو شيء من الجمع.
ثمّ إنّ النّوريّ لمّا شاهدهم قال : ليس هو عين من عيون الجمع ، ولا صحو من الجمع. ولكنّهم رجعوا إلى ما يعرفونه.
ثمّ بعد ذلك ذكر رويم ، وابن عطاء أنّ النّوريّ يقول الشّيء وضدّه ، ولا يعرف هذا إلّا قول سوفسطاء ، ومن قال بقوله.
قال ابن الأعرابيّ : فكان بينهم وبين النّوريّ وحشة ، وكان يكثر منهم التّعجّب.